وملك أخوه مؤيد الدولة إبراهيم واستولى على ما كان بيده من البلاد. وبقيت في يده إلى أن قصد نصيبين تاج الدولة تتش في سنة خمس وثمانين وأربعمائة فنازلها وقاتل من فيها من نواب مؤيد الدولة حتى أخذها عنوة، ونهبها وقتل أكثر أهلها، فسار إليه إبراهيم في جموع جمعها، والتقى به في شهر ربيع الآخر على نهر الهرماس فكسرهم تاج الدولة. فلما رأى إبراهيم ذلك رجع إلى خيمته، فنزل وجلس على التخت حتى أتوه، فقتلوه عليه، واستولوا على عسكره.
وولي تاج الدولة نصيبين من قبله محمد بن شرف الدولة، ولم تزل في يده إلى أن قصدها كربوقا في سنة تسع وثمانين " فالتقاه على مرحلتين من نصيبين، فاستحلفه لنفسه فحلف له، وغدر به كربوقا بعد ذلك، وقبض عليه، وأتى نصيبين فامتنعت عليه، فحاصرها أربعين يوما ثم تسلمها وقتل محمد بن شرف الدولة ".
ولم تزل نصيبن في يده إلى أن توفي في سنة خمس وتسعين فقصد شمس الدولة حكرمش - صاحب جزيرة ابن عمر - فتسلمها، ولم تزل بيده إلى أن قصده قليج أرسلان بن سليمان بن قطلمش السلجوقي - صاحب الموصل - فأخذها منه في سنة خمسمائة، ولم تزل في يده إلى أن التقاه جاولي سقاقوه في بقية السنة، واقتتلا فقتل قليج أرسلان.
فصار نجم الدين إيلغازي بن أرتق إلى نصيبين فملكها في بقية السنة، وولى بها من قبله ولده. ولم يزل بها إلى أن استولى عليها مودود وعلى جميع بلاد الموصل في سنة اثنتين وخمسمائة. ولم تزل بيده إلى أن قتل في سنة سبع وخمسمائة.
وفيها: وصل السلطان محمد بن إصفهان إلى بغداد ورد أمر الموصل وأعمالها، ونصيبين إلى آق سنقر البرسقي وجعله أتابك عسكر ولده مسعود. واستمرت تحت نظره إلى أن استولى عليها نجم الدين إبلغازي في سنة اثنتي عشرة، ولم تزل في يده إلى استولى عليها آق سنقر البرسقي - صاحب الموصل - مرة ثانية في سنة خمس عشرة، ولم تزل في يده " إلى " أن قتل سنة عشرين فاستولى عليها حسام الدين تمرتاش وبقيت في يده إلى أن قصدها عماد الدين زنكي في " سنة " إحدى وعشرين، ولم تزل بيد نوابه إلى أن قتل في سنة إحدى وأربعين فاستولى على ما كان بيده من البلاد الجزرية ولده سيف الدين غازي، ولم تزل في يده إلى أن توفي بالموصل سنة أربع وأربعين.
واستولى قطب الدين مودود على ما كان بيده من البلاد، ثم مات في سنة خمس وستين.
وولي ولده الصغير سيف الدين غازي بعهد منه ووصية، فلم تزل نصيبين بيده إلى أن صار إليه نور الدين وأخذها منه. وعوضه عنها بالموصل في سنة " ست و " ستين وخمسمائة ولم تزل في يد نوابه إلى أن توفي في شوال سنة تسع وستين. ولما توفي قصدها سيف الدين غازي - صاحب الموصل - في عسكره فملكها. ولم تزل في يد نوابه إلى أن توفي في سنة ست وسبعين.
وتولى أخوه عز الدين مسعود ولم تزل في يده إلى أن عبر صلاح الدين الفرات في سنة ثمان وسبعين وسار إلى نصيبين فملكها، وأقطعها لأبي الهيجاء السمين ثم استرجعها منه، وأقطعها محمد بن مروان.
فلما ملك الناصر حلب من عماد الدين زنكي ابن قطب الدين مودود عوضه عنها سنجار ونصيبين، وسروج والخابور والرقة.
ولم تزل نصيبين بيد عماد الدين إلى أن توفي في المحرم سنة أربع وتسعين.
وملك بعده ولده قطب الدين سنجار ونصيبين فسار ابن عمه نور الدين أرسلان شاه بن عز الدين مسعود بن مودود إلى نصيبين فأخذها بعد حصار وقتال شديد في جمادى الأولى من السنة. ثم استرجعها بمساعدة الملك العادل في شهر رمضان من السنة. ولم تزل في يد قطب الدين إلى أن قصدها نور الدين أرسلان شاه بجموعٍ كثيرةٍ، فملكها في سنة ستمائة. ثم أخذها قطب الدين بمساعدة الملك العادل له مرة ثانية. ولم تزل في يده إلى أن قصد الملك العادل قطب الدين في سنجار سنة ستٍ وستمائة فحاصره وضايقه إلى أن صالحه على نصيبين والخابور واتفقا على ذلك.