وَرآها ذَهَباً في ... لازَوَرْدٍ مَنْ رآها
وَمَراقي مِنْبَرٍ أَعْ ... ظَمُ شَيءٍ مَنْ رَقاها
وَسَوارٍ فاتَ إِذْ فا ... تَ مَدَى الطَرْفِ مَداها
وَذُرَى مِئْذَنَةٍ طا ... لَتْ ذُرَى النَجْمِ ذُراها
وَلِفَوّارَتِهِ ما ... لا يَراهُ لِسِواها
قَصْعَةٌ ما عَدَتِ الكَعْ ... بَ وَلا الكَعْبُ عَداها
أَبَداً تَسْتَقبِلُ السُحْ ... بَ بِسُحْبٍ مِنْ حَشاها
فَهْيَ تَسْقِي الغَيْثَ إِنْ لَمْ ... يَسْقِها وَإِنْ سَقاها
كَنَّفَتْها قُبَّةٌ يَضْ ... حَكُ عَنْها كَنَفاها
قُبَّةٌ أَبْدَعُ باِني ... ها بِناءً إِذْ بَناها
ضاهَتِ الوَشْيَ نُقُوشاً ... فَحَكَتْهُ وَحَكاها
لَوْ رآها مُبْتَني قُبَّ ... ةِ كِسْرَى ما ابتَناها
" و " َ هَذا الجامِعُ سِرّاً ... يَتَباهى مَنْ تَباها
حَيّا السارِيَةَ الخَضْ ... رآءَ مِنْهُ حَيّياها
قُبْلَةُ المُسْتَشْرِفِ الأَعْ ... لَى إِذا قَابَلْتُماها
حَيْثُ يَأْتِي حَلْقَة الآ ... دابِ مِناً مَنْ أَتاها
مِنْ رِجالاتِ حُبيً لَمْ ... يَحْلُلِ الجَهْلُ حُباها
مَنْ رآهُمْ مِنْ سَفِيهٍ ... باعَ بالجَهْلِ السَفاها
هذه السارية الخضراء كان يجتمع فيها المشتغلون بالأدب يقرءونه عندها وذهبت في الحريق وما زالت حلق الأدب لقراءة النحو واللغة معقودةً بجامع حلب وكذلك لقراءة القرآن العزيز وما فتئ على هذه الحالة وكان مسروق العابد يُقريء فيه الفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة رضه وذلك قبل أن تُبنَى المدارس بحلب.
[ذكر ما بظاهر حلب من الجوامع]
الجامع الّذي بالحاضر السليمانيّ أنشأه أسد الدين شِيرْكُوه بن شادي بن مروان بن يعقوب صاحب حمصٍ ووسّع بناءه الأمير سيف الدين عليّ بن عَلَم الدين سليمان لن جَنْدر وبنى إلى جانبه مدرسةً وتربةً ودُفن بها تُقام به الخطبة.
وفي الرمادة جامع تُقام به الخطبة يُعرف بالبَخْتيّ.
وفي بانَقُوساً جامع تُقام فيه الخطبة يُعرَف بعيسى الكردي الهكَّاريّ كان شحنة الشرطة بحلب.
ذكر جامع القلعة كنيستان إحداهما كانت قبل أن تُبنى مذبحاً لإبراهيم الخليل صلع وكان به صخرة يجلس عليها لحلب المواشي. ثمّ بُنِي مسجداً جامعاً في أيّام بني مرداس وكان يُعرَف بمقام إبراهيم الأعلى وبه تُقام الخطبة وهو موضع مبارك يُزار. وذكر ابن بُطلان في بعض رسائله أنّه كان بقلعة حلب المذبح الّذي قرّب عليه إبراهيم الخليل صلع فغُيّر يعد ذلك مسجداً في أيّام بني مرداس.
وذكر ابن العظيميّ في تأريخه قال: في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة ظهر ببعلبكّ في حجر منقور رأس يحيى بن زكريّاء عم فنُقِل إلى حمص ثمّ نُقل إلى مدينة حلب في هذه السنة ودُفن بهذا المقام المذكور في جرن من الرخام الأبيض ووُضع في خزانة إلى جانب المحراب وأُغلقت ووُضع عليها ستر يصونها.
وذكر كمال الدين بن العديم في تأريخه أنّ الملك العادل نور الدين بن عماد الدين زنكي جدّد عمارته. ووفي سنة تسع وستّمائة في أيّام الملك الظاهر غياث الدين غازي احترق بنار وقعت فيه وكان به من الخيم والسلاح وآلات الحرب ولم يحترق الجرن ودفع الله سبحانه عنه النار وهذا يدلّ على أنّ الرأس التي أُضيفت إلى يحيى به لأنّ النار لم تصل إليه وحُمي منها. وذكر كمال الدين أيضاً أنّ أبا الحسن عليّ بن أبي بكر الهرويّ أخبره قال: بقلعة حلب في مقام إبراهيم صلع صندوق فيه قطعة من رأس يحيى بن زكريّاء عم ظهر في سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
وأمّا الكنيسة الأخرى فهي المقام الأسفل الّذي كان لإبراهيم الخليل عم وبه صخرة لطيفة تُزار. ويقال إنّ إبراهيم الخليل عم كان يجلس عليها أيضاً. ولم يُحقَّق من أَنشأ هذا المقام من ملوك الملّة الإسلاميّة والّذي تحقّق أنّ الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي جدّده أيضاً وزخرفه وكان كثير الصلاة والتعبّد فيه وبُني به صهريج مرصَّص يملأ في كل سنة ووقف عليه وقفاً بظاهر حلب حصّةً في أرحاء بالغربيّة.