وتوجه الخليفة وأولاد صاحب الموصل إلى العراق بعد تجهيز الجميع، وهم الملك الصالح ركن الدين إسماعيل والملك المجاهد سيف الدين إسحاق - صاحب الجزيرة - والملك المظفر علاء الدين - صاحب سنجار - بعد أن قرر بينهم أن تكون سنجار للملك المظفر. وساروا فوصلوا إلى سنجار. فأما الملك المجاهد سيف الدين إسحاق والملك المظفر علاء الدين فإنهما أقاما بسنجار إلى أن بلغهم أن الخليفة قتل على بغداد في محاربة التتار فعاد الملك المظفر والملك المجاهد، وخرجوا من سنجار في المحرم من سنة ستين وستمائة وطلبوا الديار المصرية.
وأما التتار فإنهم لم يعارضوا سنجار وبقيت سنجار وليس لها مالك. فأجمعوا أهل سنجار على أن فوضوا أمرهم إلى فخر الدين - قاضيها -. ولم يزل القاضي يحكم فيها إى أن قصدوا التتار الموصل وحاصروها.
وكان الملك الصالح ركن الدين إسماعيل مقيما بها، فلما جدوا في حصاره، سير إلى الأمير شمس الدين أقوش البرلي العزيزي، وكان يومئذ قد خرج عن طاعة الملك الظاهر ركن الدين بيبرس - صاحب الديار " المصرية " - واستولى على حلب وحران وما يليهما. فكاتبه الملك الصالح وهو في الحصار يستحثه على الوصول إليه ليرحل التتار عن حصار الموصل. فسير الأمير شمس الدين أقش البرلي وكان بحلب استأذن الملك الظاهر - صاحب الديار المصرية - في التوجه إلى الموصل ليدفع التتار عنها، فأذن له. فخرج من حلب، وسار إلى حران، ثم سار إلى أن وصل إلى سنجار واستولى عليها واعتقل فخر الدين - قاضيها - بعد أن صادره.
واتفق في ذلك الوقت أن الزين الحافظي - لا بل " الله " له ثرى - وصل من عند هولاكو إلى ماردين فكتب إلى التتار الذي على حصار الموصل وعرفهم أن شمس الدين البرلي في جماعة قليلة، وأشار عليهم بقصده وقتاله، فهو مصلحة لئلا تنسبون إلى العجز، فيطمع فيكم ويرحلكم، فلا يهولنكم جمعه.
[ذكر قصد التتار شمس الدين البزلي وكسرهم له]
لما بلغهم ما قاله الزين الحافظي، وما أشار عليهم به من قصد الأمير شمس الدين البرلي وقتاله، رأوه صوابا، فساروا نحوه، وكانت عدتهم عشرة آلاف فارس. وكانت عدة الذين مع الأمير شمس الدين البرلي ألفا وأربع مائة فارس. فتردد عزمه في ذلك. ثم التقى بهم يوم الأحد رابع عشر جمادى الآخرة فكانت الكسرة عليه، فانهزم جريحا في رجله، وقتل أكثر من كان معه من أصحابه، وعاد إلى البيرة.
[ذكر استيلاء التتار على سنجار]
كان السبب في ذلك كسرهم لشمس الدين البرلي - كما تقدم - ودخلوا سنجار. في تاريخ كسرهم له، واستولوا عليها، وأخربوا قلعتها، وهدموا شراريفها، ورتبوا فيها الأمير علم الدين قيصر الموصلي نائبا بها. ولم تزل بأيديهم إلى تاريخ وضعنا هذا الكتاب، وهو سنة تسع وسبعين وستمائة.
[جزيرة ابن عمر]
مدينة مسورة، تحيط بها دجلة مثل الهلال. وهي إسلامية محدثة، اختطها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي، بعد المائتين في أيام المأمون فعرفت به.
وعد ابن واضح في كور ديار ربيعة جزيرة الأكراد، وأظنها هذه الجزيرة، وأنها كانت تعرف بذلك، قبل أن يختطها ابن عمر التي نسبت إليه.
عرضها سبع وثلاثون درجة.
طالعها برج السنبلة.
ولسورها ثلاث أبواب: ١ - باب الجبل.
٢ - والباب الجديد.
٣ - وباب الماء.
وبها جامعان تقام فيهما الجمعة، أحدهما قديم. والآخر من إنشاء شبل الدولة - أحد موالي الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل -.
وبها أربع مدارس يدرس بها مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه -.
١ - مدرسة تعرف بابن البزري.
٢ - ومدرسة تعرف بظهير الدين قايماز الأتابكي.
٣ - ومدرسة تعرف بالرضوية.
٤ - ومدرسة تعرف بالقاضي جمال الدين عبد الرحيم ومدرسة بظاهرها تعرف بشمس الدين سرتكين.
وبها من داخلها خانقتان: إحداهما تعرف بصلاح الدين الأعرج، والأخرى تعرف بالظهيرية.
وبظاهرها خانقتان، إحداهما تعرف بخانقاه الباتنا.
ويذكر أن بها ثمانين مسجدا.
وبها بيمارستان.
أربع عشرة حماما.
وداخلها تحت السور ما يناهز ثلاثين بستانا.
ولها من القلاع: ١ - الجراحية.
٢ - قلعة فرح.
٣ - برخو.
٤ - فنك.
٥ - الجديدة.
٦ - القصر.
٧ - أروخ.
٨ - كنكور.
ذكر من ولي الجزيرة، جزيرة ابن عمر