للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم تزل في يد نواب الملك الأشرف " إلى أن توفي " في رابع المحرم سنة خمس وثلاثين وستمائة. فاستولى عليها السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب، وهو حينئذ نائب عن والده السلطان الملك الكامل، وبقيت في يده إلى أن تغلب عليها الخوارزمية، ولم تزل في أيديهم إلى أن كسرهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف - صاحب حلب - واسترجعها منهم، وأقطعها للملك المنصور، ناصر صلاح الدين أبي طاهر إبراهيم ابن الملك المجاهد أسد الدين شيركوه - صاحب حمص - ولم تزل في يده إلى أن مات في سنة أربع وأربعين وستمائة.

وعادت بعد موت الملك المنصور - صاحب حمص - إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف - صاحب الشام - والخابور معها لبدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - في سنة سبع وأربعين وستمائة. فلما توفي بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - في سنة سبع وخمسين وستمائة عاد السلطان الملك الناصر ولىّ عليها من قبله. ولم تزل في يده إلى أن دخلت سنة ثمان وخمسين وستمائة، واستولت التتر على البلاد الشامية، فطلبها من التتر الملك الصالح ركن الدين إسماعيل بن بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - فأعطيها، وولىّ فيها من قبله، ولم تزل بيده إلى أن خرج من الموصل قاصدا الديار المصرية في سنة تسع وخمسين وستمائة. فعادت إلى ولاية التتر وهي بأيديهم إلى حين وضعنا هذا الكتاب، وهو سنة تسع وسبعين وستمائة، وأظنها - والله أعلم - أنها لصاحب ماردين غير أن بها من جهة التتر ناسا لأجل حفظ المعابر.

[سنجار]

قال " ابن " الكلبي: وسنجار، وهيت وآمد أسماء أولاد البلندي بن مالك بن ذعر بن بويب بن عيفا بن مدين بن إبراهيم. نزلوا بهذه الأماكن فعرفت بهم ونسبت إليهم.

وذكر ابن حوقل: مدينة في وسط البرية في سفح جبل، بها أنهار جارية، وعيون مطردة، ومباخس وإسقاء وضياع، وعليها سور من الحجر والكلس منيع.

واستوصفت أحد أهلها بها، فذكر أنها كانت قبل استيلاء أحد أهلها لها، فذكر أنها كانت قبل استيلاء التتر عليها بليدة صغيرة، لها سوران، أحدهما أعلى من الآخر، وكلاهما مبني بالحجر والجص.

ولها قلعتان على تلين: إحداهما: من بناء أحد العقيليين الذين كانوا ملوك الموصل أولا، وهو الذي جدد بناء سورها، وبنى بها برحا كبيرا يعرف ببرج الخزانة.

والقلعة الأخرى تسمى الجديدة أنشأها قطب الدين محمد ابن الأثابك عماد الدين زنكي بن آق سنقر سنة ست وستمائة.

ولما استولت التتر - خذلهم الله - على سنجار سنة ستين وستمائة أخربوا السور والقلعتين، وأخربوا مشهدا كان ملاصقا للسور يعرف بمشهد علي - عليه السلام - فجدده نائب لهم من العجم يدعى قوام الجين محمد اليزدي، واقيمت فيه الجمعة.

وفي وسط المدينة نهران: وفي وسط المدينة نهران: أحدهما يعرف بنهر دار العين.

والآخر يخرج من عين في البلد ثرة تسمى عين الأحتات فتجري في البلد، ثم تخرج من تحت السور.

وكان لها أربعة أبواب، ثلاثة منها في قبليها: أحدها: باب الماء.

والثاني: الباب العتيق.

والثالث: الباب الجديد، ويدخل من هذا الباب إلى ساحة كبيرة فيها دور السلطنة.

والباب الرابع: من شماليها يدعى باب الجبل.

ويطل على البلد جبل مرتفع من شماليها، كثير البساتين الأشبة.

ولها ربضان، وفيها الأسواق العامرة، والمساجد الآهلة، والآخر من شرقيها.

وبها ست مدارس: منها اثنتان داخلها: إحداهما: إنشاء السلطان الشهيد نور الدين محمود بن زنكي، يدرس فيها مذهب أبي حنيفة.

والآخر أنشأها الشيخ صدر الدين المعروف بابن الشيخ، وكان رئيس البلد وكبيرها وعينها، يدرس فيها مذهب الإمام الشافعي - رضي الله عنه -.

وأربع بخارجها: إحداها إنشاء الأمير مجاهد الدين قايماز، عتيق عماد الدين زنكي، يدرس فيها مذهب أبي حنيفة.

والثانية أنشأها صاحب الديوان شمس الدين المعروف بابن الكافي يدرس فيها المذهبان.

والثالثة من إنشاء عماد الدين زنكي.

والرابعة ليس لها وقف، من إنشاء أم قطب الدين محمد بن عماد الدين زنكي، دفن فيها الملك الفائز إبراهيم ابن الملك العادل.

وبها خانقاهات ثلاث، منها: واحدة داخلها إنشاء نور الدين محمود بن زنكي.

وبخارجها اثنتان: إحداهما من إنشاء جمال الدين محمد الأصفهاني - الوزير -.

<<  <   >  >>