ولم يزل حسام الدين مالكها إلى أن توفي في أوائل المحرم سنة ست وأربعين وخمس مائة.
وولي مكانه نجم الدين إلبي إلى " أن " مات في سنة......
وولي ولده قطب الدين إيلغازي بن نجم الدين إلبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن سقمان بن أُرتق. ولم تزل بيده إلى أن توفي في سنة ثمانين وخمس مائة.
" وخلّف ولده حسام الدين يولق أرسلان، وكان طفلا، فوليَّ تدبير دولته نظام الدين ألبقش - مملوك أبيه - وكان لهذا - نظام الدين - مملوك أسنه لؤلؤ قد تحكّم في الدولة، فلم يترك نظام الدين يُحكِّم حسام الدين في شيء، ولا يتصرف في نفسه. فبقي كذلك إلى أن مات الصغير. وكان له أخ أصغر منه اسمه قطب الدين أرسلان، فرتبه نظام الدين في الملك مكان أخيه، فجلس في الملك، وليس له منه إلا الاسم، بل الأمر والنهي لنظام الدين لؤلؤ، فلم يزل كذلك إلى سنة إحدى وستمائة، فمرض ألبقش الذي هو نظام الدين، فأتاه قطب الدين يعوده، فلما خرج من عنده خرج معه لؤلؤ، فضربه قطب الدين بسكين كانت معه فقتله. ثم دخل قطب الدين إلى نظام الدين وبيده السكين فقتله أيضا وخرج ومعه خادم له وألقى الرأسين إلى الأجناد. وكانوا كلهم قد أنشأهم النظام ولؤلؤ فأذعنوا بالطاعة. فلما تمكن أخرج من أراد، وترك من أراد، واستولى على قلعة ماردين وأعمالها، والبارعية، وقلعة الصَّور. ولم يزل قطب الدين أرسلان مالكا إلى أن مات سنة.....
وولي ولده الملك المنصور أُرتق.
وكان الملك العادل قد حاصر ماردين في سنة خمس وتسعين وخمس مائة، وملك ربضها ثم رحل عنها. ذكر ذلك ابن الأثير في تاريخه مفصلا. واستمر الملك المنصور أُرتق بها إلى أن قُتل.
[ذكر قتل الملك المنصور أرتق صاحب ماردين]
في ليلة الأحد، ثامن ذي الحجة من سنة ست وثلاثين وستمائة، اجتمعت مماليك الملك المنصور أُرتق بن قطب الدين أرسلان ابن نجم الدين إيلغازي بن إلبي بن تمرتاش بن إبل غازي بن أرتق على قتله. ونزلوا عليه في الليل، وهو نائم عند نسائه، فخنقوه بوتر قوس، ثم تحيّروا بعد قتله فيمن يولونه عليهم؟ فوقع اختيارهم على ولده الملك السعيد نجم الدين إيل غازي، وكان مجبوسا بالبارعية فسيّروا وراءه فخر الدين أمير سلاح - أحد مماليك أبيه - فأحضره، فلما حضر ملّكوه. فلما استقر في الملك اجتمع رأي الأمراء على قتل من وافق على قتل أبيه فلم يحسُن ذلك برأي الملك السعيد لكونهم أخرجوه من السجن وملكوه، بل نفاهم وأخرجهم من بلد ماردين وكانوا زُهاء مائتي نفر.
وكان عمر والده يوم قُتل سبعا وخمسين سنة، وكان ملكه ماردين في سنة إحدى وستمائة.
[ذكر حصار التتر ماردين واتفاقهم مع الملك السعيد صاحبها]
كان هولاكو لما نزل على آمد في أواخر سنة سبع وخمسين وستمائة، بعث إلى الملك السعيد نجم الدين إيلغازي - صاحب ماردين - ليستدعيه إليه. فسير إليه الملك السعيد ولده الملك المظفر قرا أرسلان، وقاضي القضاة مهذب الدين محمد بن مجلي المعروف، والأمير سابق الدين بلبان. وكان من أكابر أمرائه، ومعهم هدية سنية وعلى أيديهم رسالة تتضمن الاعتذار من تباطئه عن المثول والحضور بمرض منعه من الاستطاعة على الحركة. ووافق وصولهم إليه أخذه قلعة اليمانية وإنزل من كان بها من حريم الملك الكامل - صاحب ميافارقين رحمه الله - وأولاده وأقاربه وهم: ولده الملك الناصر صلاح الدين يوسف جقطاي والسبب في تسميته بهذا الاسم أنّ الملك الكامل لما توجه إلى منكوقاآن البرية إلى الملك الناصر يستحثه على الحركة إلى حلب، ويعده أنه متى وصل إلى حلب رحل إليه برحاله وماله. وسيرّ الأمير عز الدين يوسف بن الشماع رسولا في الظاهر إلى هولاكو بهديةّ، وإلى ولده وولدي غياث الدين - صاحب بلاد الروم - باطنا، يحرض ولده على الهرب وينكر على عز الدين كونه ألقي بنفسه إلى التهلكة في محبة هولاكو. وقال له: متى أبقى عليك فإنما ذلك ليغرّ الملك الناصر بك، لا لمحبة لك، ورغبة فيك، فأوسع الحيلة في الانفصال عنه، والحذر منه. فشكره عز الدين على ما نبهه عليه، وقال: والله ما خرجت البلاد عن أيدينا إلا بتخاذل بعضنا عن بعض!! فلو كانت الكلمة محتمعه لم يجر علينا ما جرى.