وتولى عز الدين مسعود - أخوه - فأقطع مظفر الدين كُكُبري حران، ولم تزل في يده إلى أن أنضم إلى صلاح الدين، وخرج عن طاعة عز الدين مسعود، ولم تزل حران في يده إلى أن توفي أخوه زين الدين يوسف بن علي كوجك في سنة ست وثمانين، وكان بيده إربل وأعمالها، فصيّر صلاح الدين ما كان بيد أخيه من البلاد، وتوجه إليها، وتسلمها.
وأقطع حران لولد أخيه الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، مضافا إلى ما كان بيده من البلاد في سنة سبع وثمانين.
ثم توفي في ذهه السنة بخرت برت.
فتسلمها الملك العادل واستخلف فيها ابنه الملك الكامل، ولم تزل بيده إلى أن ملك مصر واستدعي الملك الكامل إليها، وأقطع الملك الأشرف حران في سنة تسع وتسعين وخمس مائة، فولى فيها الحاجب عليّاً.
وبقيت في يد الأشرف إلى أن قايض أخاه الملك الكامل عن دمشق بحرَّان، والرُّها، وسروج في شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة.
فولى الملك الكامل، في حران الأمير شمس الدين صواب العادلي وما زال متوليا الجزيرة بمفرده إلى أن قصد الملك العادل، آمد وفتحها في سنة تسع وعشرين، واستناب ولده الملك الصالح نجم الدين أيوب في الجزيرة، وكان مُدِّبرُ دولته شمس الدين صواب.
واستقل الملك الصالح بالملك، ولم تزل في يد الملك " الصالح " إلى أن قصد علاء الدين صاحب لاروم، فلم يمكنه الدخول من الدربند، فعاد قصد الدخول من خرت برت فخرج علاء الدين، وكسره، وطرده عن تلك البلاد، واستولى على حران وغيرها، مما يأتي مفصلا، وذلك في ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين. " ولم تزل في يده إلى أن قصدها الملك الكامل في سنة ثلاث وثلاثين " فنازلها حتى ملكها في رابع عشر شهر ربيع الآخر، وبقيت في يده إلى أن مات في حايد عشر شهر رجب سنة خمس وثلاثين.
واستولى عليها الملك الصالح - ولده - على ما كان في يد أبيه من بلاد الجزيرة، واستمرت في يده إلى أن استدعى الخوارزمية، واستنجدهم، فأقطع مدينة حران بركت خان الخوارزمي وبقيت القلعة في يد نوابه.
وقصد سنجار فنزل عليه فيها بدر الدين لؤلؤ، صاحب الموصل، فبذل قلعة حران للخوارزمية حتى رحّلوه عنها.
ثم تغلبوا على بلد الجزيرة فقصدهم عسكر الملك الناصر، صاحب حلب، فالتقى بهم في العشرين من شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة، فطردوهم عن حران في بقية الشهر.
وولي فيها من قبل الملك الناصر الأمير حسام الدين ألطاش ابن تركمان إلى " أن " عزله في سنة أربعين وستمائة.
وولى فيها الملك الأعز ابن الملك الأعز يعقوب ابن الملك الناصر صلاح الدين ولم يزل بها متوليا عليها إلى سنة اثنتين وأربعين.
ثم عزله وولاها الأمير سيف الدين أبا بكر بن عمر الرادكي، واستمر في نيابتها، ولم تزل في يده إلى أن توفي في سنة سبع وخمسين بحلب.
وكان نائبه بالمدينة ناصر الدين نصر الله بن سيّار ونائبه بالقلعة ناصر الدين محمد بن حسام الدين أبي بكر المعروف بصاحب عين تاب. فلم تزل تحت نظرهما إلى أن قصدها هولاكو في أوائل سنة ثمان وخمسين، فنازلها وضايقها، وأشرف على أخذها، فنزل إليه الشيخ يوسف بن حماد الحراني ومعه عليُّ الصوراني، فاجتمعا بهولاكو، وبذلوا له الطاعة، فكتب لهم بذلك يغلِغ وتسلم البلد.
ووليّ علي الصوراني رئاسة حران، ودخلها التتر ولم يؤذوا بها أحدا من أهلها، واستمر الحصار على القلعة إلى أن سقط منها برج، فخاف من فيها أنها متى أخذت عنوة قُتِلوا.
فبعثوا إلى هولاكو الشيخ أبا القاسم ابن الشيخ أبي بكر ابن الشيخ حياة الحراني، والنقليس محاسن ابن البقال - والي البر - فاجتمعا بهولاكو وطلبا منه الأمان لمن في القلعة، فأمنهم على حريمهم وأموالهم، وتسلم القلعة وأخربها، وأخرب شراريف سور البلد. ونزل إليه ناصر الدين محمد العين تابي وقال له: أخذْتَ ثأرنا، فإن عين تاب كانت لنا، وأخذها منا المسلمون، وحلق رأسه، ولبس سراقوجا، وارتدَّ.
وبقيت حران في أيدي نواب التتر إلى أن كُسر كَتْبُغا على عين جالوت في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وستمائة.
ثم قُتل الملك المظفر في بقية السنة، وملك مولانا السلطان الملك المظفر، ركن الدين يببرس البلاد التي كانت التتر استولوا عليها.
فخرج شمس الدين آقوش البرلي، فصار إلى حلب، خائفا من مولانا السلطان الملك الظاهر وولى في حران.