فيها: وصل السلطان ملكشاه إلى الرها فملكها من أيديهم على يد بُزان ولم يزل بها إلى أن تسلمها منه تاج الدولة وضرب رقبته صبرا، وذلك في سنة سبع وثمانين ...
وبقيت في يده إلى أن وصلها ابن أخي سليمان بن قطلمش فملكها في سنة تسع وثمانين. وأقام بها أياما ومات.
فتغلب عليها مقدمها الكربلاط وبقي فيها إلى أن وصل إليها بغدوين - أخو الملك كندفري، صاحب القدس - فسلمها له في بقية السنة، وتسلطوا بها على كثير من بلاد الجزيرة فملكوه.
" ثم تنقلت في أيدي ملوك الفرنج إلى أن فتحها عنوة عماد الدين زنكي في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين.. بعد أن نازلها ثمانية وعشرين يوما. وكانت في يد جوسلين بن جوسلين " ولما ملكها ولى فيها قطب الدين ينال بن حسان - صاحب منبج - وبقي بها إلى أن قُتل عماد الدين على قاعة جعبر في سنة " إحدى " وأربعين. فراسل جوسلين الأرمن الذين كانوا بالرها، وحملهم على العصيان والامتناع على المسلمين وسار إليها ليلا فملكها، وامتنعت عليه القلعة بمن فيها من المسلمين فقاتلها، فبلغ ذلك نور الدين محمود بن زنكي وهو بحلب فسار إليها مُجّدا ... فلما قاربها خرج منها جوسلين هاربا ... فدخلها نور الدين فنهبها، وسبى أهلها فإنهم كانوا ظاهروا الأرمن، وولى فيها قطب الدين ينال واستمر بها إلى أن عوضه عنها في سنة ثلاث وستين بمنبج وقلعة نجم.
وولي الأمير فخر الدين مسعود بن الزعفراني وبقيت في يده إلى أن ملكها الملك الناصر صلاح الدين في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين. فسلمها إلى الأمير مظفر الدين بن زين الدين علي كوجك وبقيت في يده إلى أن قبض عليه في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وثمانين. وأخذ منه حران والرها ثم رضي عنه بعد أيام قلائل وأعادهما إليه.
وبقيت الرها في يده إلى أن توفي أخوه زين الدين يوسف - صاحب إربل وأعمالها - فصيّر إليه صلاح الدين ما كان بيد أخيه من البلاد، فتوجه إليها وتسلمها.
وأقطع حران والرها ابن أخيه الملك المظفر تقي الدين في سنة سبع وثمانين. ثم توفي بخرت برت في بقية السنة.
فأُقطعت للملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب فولاها لولده الملك الكامل ولم تزل في يده إلى أن ملك الملك العادل مصر فاستدعاه إليها.
وأقطع الملك العادل ما كان بيد ولده الملك الكامل للملك الأشرف.
وأفرد الرها لولده الملك المظفر شهاب الدين غازي ولم تزل في يده إلى أن أخذها منه الملك الأشرف في سنة ثمان عشرة وست مئة، وعوضه عنها ميفارقين.
وبقيت في يد الأشرف إلى أن وقعت المقايضة بينه وبين أخيه الملك الكامل عن دمشق فتسلمها فما تسلم من البلاد، وبقيت في يد نوابه إلى أن كانت وقعة الدربند وانهزم عسكر الكامل بين يدي علاء الدين كيقباد - صاحب الروم - في سنة اثنتين وثلاثين.
وسار علاء الدين إلى الرها فامتنعت عليه فقاتلها وحاصرها. وكان للملك الكامل بها خزانة وحاصل، فتسلمها بالأمان وأخذ ما فيها، واستخلف عليها، ولم تزل في يده إلى أن عاد الملك الكامل من مصر إلى بلاد الشرق فاسترجعها، بعد حصار، يوم الأربعاء ثالث عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وثلاثين.
وهدم قلعتها، وكانت حصينة منيعة، يُضرب بها الأمثال في القلاع، فلم تُعمر بعدُ، فلما ملكها سلمها مع غيرها من البلاد لولده الملك الصالح نجم الدين أيوب ولم تزل في يده إلى أاستدعى الخوارزمية من الروم ليستعين بهم على قصد حصار حلب نُصرةً لأبيه الملك الكامل في سنة خمس وثلاثين.
فاتفق أن مات الملك الكامل في هذه السنة في رجب، فطمعت الخوارزمية في الملك الصالح وخاف منهم فأقطعهم الرها وحران وغيرها، من غير قلاع من البلاد.
وسار إلى سنجار في شوال، فصده بدر الدين لؤلؤ - صاحب الموصل - فتوجه ولده الملك المغيث ومعه بدر الدين قاضي سنجار إلى حران، واجتمعا بالخوارزمية وسلموا إليهم قلعة حران وقلعة الرها ليدفعوا بدر الدين عن سنجار، فساروا إليه ورحلوه في بقية السنة.
ولم تزل الرها في أيديهم، وكانت في يد كشلوخان الخوارزمي إلى أن كسرهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف يوم الأربعاء العشرين من شهر رمضان سنة ثمان وثلاثين وستمائة.