للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالْأَوَّلُ - وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ الْخَصْمُ عِلِّيَّةَ الْأَصْلِ - يُسَمَّى مُرَكَّبَ الْأَصْلِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ، أَيْ مَا جُعِلَ جَامِعًا وَصْفَانِ يَصْلُحُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِيمَا إِذَا قَتَلَ الْحُرُّ عَبْدًا: الْمَقْتُولُ عَبْدٌ، فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِهِ، كَالْمَكَاتَبِ. وَالْجَامِعُ كَوْنُهُمَا رَقِيقَيْنِ.

فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ يَسْتَغْنِي عَنْ إِثْبَاتِ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَى الْحُرِّ فِي صُورَةِ الْمَكَاتَبِ بِدَلِيلٍ ; لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ يُوَافِقُهُ فِيهِ، لَكِنْ يَمْنَعُ مَا جَعَلَ الشَّافِعِيُّ عِلَّةً لِعَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ ; لِأَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي صُورَةِ الْمَكَاتَبِ عِنْدَ الْحَنَفِيِّ جَهَالَةُ الْمُسْتَحِقِّ مِنَ السَّيِّدِ وَالْوَرَثَةِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُسْتَحِقَّ الْقِصَاصِ السَّيِّدُ أَوِ الْوَرَثَةُ، فَيَقُولُ الْحَنَفِيُّ: الْعِلَّةُ عِنْدِي جَهَالَةُ الْمُسْتَحِقِّ مِنَ السَّيِّدِ أَوِ الْوَرَثَةِ فِي صُورَةِ الْمُكَاتِبِ، فَإِنْ صَحَّتْ عِلِّيَّةُ جَهَالَةِ الْمُسْتَحِقِّ مِنَ السَّيِّدِ أَوِ الْوَرَثَةِ، بَطُلَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِهِ بِالْقِيَاسِ ; إِذِ الْعِلَّةُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الْفَرْعِ.

وَإِنْ بَطُلَتْ عِلِّيَّةُ الْجَهَالَةِ، مُنِعَ حُكْمُ الْأَصْلِ ; لِأَنَّ حُكْمَ الْأَصْلِ لَمْ يَثْبُتْ بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ، بَلْ ثَبَتَ بِنَاءً عَلَى عِلِّيَّةِ الْجَهَالَةِ، فَإِذَا بَطَلَ الْمُوجِبُ لِلْحُكْمِ، لَمْ يَثْبُتِ الْحُكْمُ، وَحِينَئِذٍ يَبْطُلُ الْقِيَاسُ. فَمَا يَنْفَكُّ الْقِيَاسُ عَنْ عَدَمِ الْعِلَّةِ فِي الْفَرْعِ، أَوْ مَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ.

الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ الْخَصْمُ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، فَيُسَمَّى مُرَكَّبَ الْوَصْفِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>