. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مِثْلَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالنِّكَاحِ، مِثْلَ: إِنْ تَزَوَّجْتُ زَيْنَبَ، فَهِيَ طَالِقٌ. هَذَا تَعْلِيقُ الطَّلَاقِ، فَلَا يَصِحُّ قَبْلَ النِّكَاحِ، أَيْ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ قَالَ: زَيْنَبُ الَّتِي أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ. فَإِنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا، لَكِنْ بِمَنْعِ وُجُودِ الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْوُقُوعِ فِي الْأَصْلِ.
فَنَقُولُ: الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْوُقُوعِ هُوَ التَّعْلِيقُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ فِي الْأَصْلِ عِنْدِي، فَإِنْ صَحَّ فُقْدَانُ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، بَطَلَ إِلْحَاقُ الْفَرْعِ بِهِ ; لِعَدَمِ وُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، وَإِلَّا - أَيْ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ فُقْدَانُ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ - مُنِعَ حُكْمُ الْأَصْلِ، فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّلَاقُ وَاقِعًا فِي الْأَصْلِ ; لِوُجُودِ عِلَّةِ الْوُقُوعِ فِيهِ. فَمَا يَنْفَكُّ هَذَا الْقِيَاسُ عَنْ عَدَمِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ، أَوْ مَنْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ.
ثُمَّ الْخَصْمُ إِنْ كَانَ مُقَلِّدًا، وَسَلَّمَ عَلِيَّةَ مَا جَعَلَ الْمُسْتَدِلُّ عِلَّةً فِي الْأَوَّلِ، أَيْ مُرَكَّبَ الْأَصْلِ، وَسَلَّمَ وُجُودَ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ الثَّانِي، أَيْ مُرَكَّبَ الْوَصْفِ، أَوْ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ أَنَّ الْعِلَّةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْأَصْلِ، انْتَهَضَ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ عَلَى الْخَصْمِ، أَيْ يَتِمُّ دَلِيلُهُ ; لِاعْتِرَافِ الْخَصْمِ بِعِلِّيَّةِ وَصْفِ الْمُسْتَدِلِّ فِي الْأَوَّلِ، وَبِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي أَصْلِ الثَّانِي، كَمَا لَوْ كَانَ الْخَصْمُ مُجْتَهِدًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ أَثْبَتَ الْمُسْتَدِلُّ حُكْمَ الْأَصْلِ بِنَصٍّ، ثُمَّ أَثْبَتَ الْعِلَّةَ بِمَا هُوَ طَرِيقُ إِثْبَاتِهَا، يَنْتَهِضُ دَلِيلُهُ عَلَى الْخَصْمِ إِنْ كَانَ مُجْتَهِدًا عَلَى الْأَصَحِّ ; لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقْبَلِ الْخَصْمُ الدَّلِيلَ - بَعْدَ إِثْبَاتِ حُكْمِ الْأَصْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute