. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
الدَّلِيلَ الْعَقْلِيَّ يَسْتَلْزِمُ مَدْلُولَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَلَوْ تَعَادَلَ الدَّلِيلَانِ الْعَقْلِيَّانِ، يَلْزَمُ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، وَهُوَ مُحَالٌ، وَأَمَّا تَقَابُلُ الْأَمَارَاتِ الظَّنِّيَّةِ وَتَعَادُلُهَا، فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ، خِلَافًا لِأَحْمَدَ وَالْكَرْخِيِّ.
دَلِيلُ الْجُمْهُورِ أَنَّ تَعَادُلَ الْأَمَارَاتِ الظَّنِّيَّةِ لَوْ كَانَ مُمْتَنِعًا، لَكَانَ امْتِنَاعُهُ لِدَلِيلٍ ; إِذْ لَا يَكُونُ مُمْتَنِعًا لِذَاتِهِ، لَكِنْ بَحَثْنَا وَلَمْ نَجِدْ دَلِيلًا دَالًّا عَلَى امْتِنَاعِ تَعَادُلِ الْأَمَارَاتِ الظَّنِّيَّةِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ.
ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ تَعَادُلِ الْأَمَارَتَيْنِ قَالُوا: لَوْ تَعَادَلَ الْأَمَارَتَانِ، فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُعْمَلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ يُعْمَلَ بِأَحَدِهِمَا مُعَيَّنَةً، أَوْ يُعْمَلَ بِأَحَدِهِمَا عَلَى سَبِيلِ التَّخْيِيرِ، أَوْ لَا يُعْمَلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. وَالْأَقْسَامُ بِأَسْرِهَا بَاطِلَةٌ.
أَمَّا الْأَوَّلُ; فَلِأَنَّهُ لَوْ عُمِلَ بِكُلٍّ مِنْهُمَا، لَزِمَ اجْتِمَاعُ النَّقِيضَيْنِ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا الثَّانِي ; فَلِأَنَّ الْعَمَلَ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْأُخْرَى، مَعَ تَعَادُلِهِمَا، يُوجِبُ التَّحَكُّمَ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا الثَّالِثُ ; فَلِلُزُومِ الْحُكْمِ بِأَنَّ شَيْئًا وَاحِدًا حَلَالٌ لِزَيْدٍ، حَرَامٌ لِعَمْرٍو مِنْ مُجْتَهِدٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا الرَّابِعُ; فَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ الْكَذِبُ وَالتَّنَاقُضُ، فَإِنَّ قَوْلَهُ: لَا حَلَالَ وَلَا حَرَامَ يَكُونُ كَذِبًا ضَرُورَةَ أَحَدِهِمَا، أَعْنِي الْحَلَالَ أَوِ الْحَرَامَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِمَا، لَا فِي إِثْبَاتِ الْحُكْمَيْنِ الْمُتَنَافِيَيْنِ، بَلْ فِي إِثْبَاتِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَقَفَتِ الْأُخْرَى، أَيْ مَنَعَتْهَا فِي تَرَتُّبِ مُقْتَضَاهَا عَلَيْهَا، فَيَقِفُ الْمُجْتَهِدُ عَنْهُمَا، أَوْ يَعْمَلُ بِإِحْدَاهُمَا عَلَى التَّخْيِيرِ، وَلَا امْتِنَاعَ فِي ذَلِكَ ; فَإِنَّهُ كَمَا جَازَ التَّخْيِيرُ بِالنَّصِّ، جَازَ بِالِاجْتِهَادِ، أَوْ لَا يَعْمَلُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَا يَلْزَمُ الْكَذِبُ وَالتَّنَاقُضُ ; لِأَنَّ التَّنَاقُضَ إِنَّمَا يَلْزَمُ مِنَ اعْتِقَادِ نَفْيِ الْأَمْرَيْنِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، لَا مِنْ تَرْكِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute