. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَتَقْرِيرُ الْجَوَابِ أَنَّ قَوْلَهُمْ مَرْدُودٌ; لِأَنَّا نَمْنَعُ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ لَازِمُ الْخُطُورِ بِالْبَالِ حَتَّى يَكُونَ الْأَمْنُ مِنْهُ فَائِدَةً.
فَقَوْلُهُ: " قَوْلُهُمْ " مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ: " مَرْدُودٌ " خَبَرُهُ. وَلَئِنْ سُلِّمَ أَنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ لَازِمُ الْخُطُورِ بِالْبَالِ فَمُعَارَضٌ بِاحْتِمَالِ الْعِقَابِ عَلَى الشُّكْرِ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ إِقْدَامَهُ عَلَى الشُّكْرِ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ ; لِأَنَّ الْإِقْدَامَ عَلَى الشُّكْرِ إِنَّمَا هُوَ بِاسْتِعْمَالِ الْأَعْضَاءِ وَالْقُوَى الَّتِي هِيَ كُلُّهَا مِلْكُ الْحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَالتَّصَرُّفُ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، يَحْتَمِلُ الْعِقَابَ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: أَنَّ الْقِيَامَ بِالشُّكْرِ عَلَى نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى كَالِاسْتِهْزَاءِ بِالْمُنْعِمِ. كَمَنْ شَكَرَ مَلِكًا عَلَى لُقْمَةٍ أَنْعَمَ الْمَلِكُ عَلَيْهِ فِي الْمَحَافِلِ الْعَظِيمَةِ. بَلِ اللُّقْمَةُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى خِزَانَةِ الْمَلِكِ أَكْثَرُ مِنْ [نِعَمِ] اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ بِالْقِيَاسِ إِلَى خَزَائِنِهِ تَعَالَى. فَلَعَلَّ الشَّاكِرَ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ بِسَبَبِ شُكْرِهِ.
ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي حُكْمِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ الشَّرْعِ. مَذْهَبُ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَتْبَاعِهِ أَنَّ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ قَبْلَ الشَّرْعِ لَا حُكْمَ لَهَا ; ضَرُورَةَ بُطْلَانِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الْعَقْلِيَّيْنِ وَعَدَمِ الشَّرْعِ.
وَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ، فَقَالُوا: الْأَفْعَالُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ اضْطِرَارِيَّةً، كَالنَّفْسِ فِي الْهَوَاءِ وَنَحْوِهِ، أَوْ لَا. وَالْأُولَى: لَا بُدَّ مِنَ الْقَطْعِ بِكَوْنِهَا مُبَاحَةً.
وَالثَّانِيَةُ: إِمَّا أَنْ لَا يَقْضِيَ الْعَقْلُ فِيهَا بِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ، أَيْ لَا يَهْتَدِي الْعَقْلُ إِلَى حُسْنِهَا أَوْ قُبْحِهَا، أَوْ يَقْضِي فِيهَا بِحُسْنٍ أَوْ قُبْحٍ.
وَالْأُولَى: اخْتَلَفُوا فِيهَا عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ: الْأَوَّلُ: الْحَظْرُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَغْدَادِيَّةِ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ. وَالثَّانِي: الْإِبَاحَةُ، وَهُوَ مَذْهَبُ مُعْتَزِلَةِ الْبَصْرَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute