للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - الْإِجْمَاعُ.

ص - الْإِجْمَاعُ: الْعَزْمُ وَالِاتِّفَاقُ. وَفِي الِاصْطِلَاحِ: اتِّفَاقُ الْمُجْتَهِدِينَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي عَصْرٍ عَلَى أَمْرٍ.

وَمِنْ يَرَى انْقِرَاضَ الْعَصْرِ - يَزِيدُ " إِلَى انْقِرَاضِ الْعَصْرِ ".

وَمَنْ يَرَى أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَنْعَقِدُ مَعَ سَبْقِ خِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ، وَجَوَّزَ وُقُوعَهُ - يَزِيدُ " لَمْ يَسْبِقْهُ خِلَافُ مُجْتَهِدٍ مُسْتَقِرٍّ ".

الْغَزَالِي، - رَحِمَهُ اللَّهُ -: اتِّفَاقُ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ. وَيُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ [يُوجَدُ] وَلَا يَطَّرِدُ بِتَقْدِيرِ عَدَمِ الْمُجْتَهِدِينَ، وَلَا يَنْعَكِسُ بِتَقْدِيرِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى عَقْلِيٍّ أَوْ عُرْفِيٍّ.

ص - وَخَالَفَ النَّظَّامُ وَبَعْضُ الرَّوَافِضِ فِي ثُبُوتِهِ. قَالُوا: انْتِشَارُهُمْ يَمْنَعُ نَقْلَ الْحُكْمِ إِلَيْهِمْ عَادَةً.

وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ لِجَدِّهِمْ وَبَحْثِهِمْ.

ص - قَالُوا: إِنْ كَانَ عَنْ قَاطِعٍ - فَالْعَادَةُ تُحِيلُ عَدَمَ نَقْلِهِ. وَالظَّنِّيُّ يَمْتَنِعُ الِاتِّفَاقُ فِيهِ عَادَةً ; لِاخْتِلَافِ الْقَرَائِحِ.

وَأُجِيبَ بِالْمَنْعِ فِيهِمَا ; فَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ نَقْلِ الْقَاطِعِ بِحُصُولِ الْإِجْمَاعِ. وَقَدْ يَكُونُ الظَّنِّيُّ جَلِيًّا.

ص - قَالُوا: يَسْتَحِيلُ ثُبُوتُهُ عَنْهُمْ عَادَةً ; لِخَفَاءِ بَعْضِهِمْ، أَوِ انْقِطَاعِهِ، أَوْ أَسْرِهِ، أَوْ خُمُولِهِ، أَوْ كَذِبِهِ، أَوْ رُجُوعِهِ قَبْلَ قَوْلِ الْآخَرِ. وَلَوْ سُلِّمَ - فَنَقْلُهُ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً ; لِأَنَّ الْآحَادَ لَا تُفِيدُ، وَالتَّوَاتُرُ بَعِيدٌ.

وَأُجِيبَ عَنْهُمَا بِالْوُقُوعِ. فَإِنَّا قَاطِعُونَ بِتَوَاتُرِ النَّقْلِ بِتَقْدِيمِ النَّصِّ الْقَاطِعِ عَلَى الْمَظْنُونِ.

ص - وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ. وَلَا يُعْتَدُّ بِالنَّظَّامِ وَبَعْضِ الْخَوَارِجِ وَالشِّيعَةِ.

وَقَوْلُ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: مَنِ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ فَهُوَ كَاذِبٌ، اسْتِبْعَادٌ لِوُجُودِهِ.

ص - الْأَدِلَّةُ: مِنْهَا: أَجْمَعُوا عَلَى الْقَطْعِ بِتَخْطِئَةِ الْمُخَالِفِ. وَالْعَادَةُ تُحِيلُ إِجْمَاعَ هَذَا الْعَدَدِ الْكَثِيرِ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى قَطْعٍ فِي شَرْعِيٍّ مِنْ غَيْرِ قَاطِعٍ، فَوَجَبَ تَقْدِيرُ نَصٍّ فِيهِ.

وَإِجْمَاعُ الْفَلَاسِفَةِ وَإِجْمَاعُ الْيَهُودِ وَ [إِجْمَاعُ] النَّصَارَى غَيْرُ وَارِدٍ.

لَا يُقَالُ: أَثْبَتُّمُ الْإِجْمَاعَ بِالْإِجْمَاعِ ; إِذْ أَثْبَتُّمُ الْإِجْمَاعَ بِنَصٍّ يُتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ الْمُثْبَتَ كَوْنُهُ حُجَّةً ثُبُوتَ نَصٍّ عَنْ وُجُودِ صُورَةٍ مِنْهُ بِطَرِيقٍ عَادِيٍّ لَا يَتَوَقَّفُ وُجُودُهَا وَلَا دَلَالَتُهَا عَلَى ثُبُوتِ كَوْنِهِ حُجَّةً. فَلَا دَوْرَ.

ص - وَمِنْهَا: أَجْمَعُوا عَلَى تَقْدِيمِهِ عَلَى الْقَاطِعِ: فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَاطِعٌ، وَإِلَّا تَعَارَضَ الْإِجْمَاعَانِ ; [لِأَنَّ] الْقَاطِعَ مُقَدَّمٌ.

فَإِنْ قِيلَ: يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمُحْتَجُّ عَلَيْهِ عَدَدَ التَّوَاتُرِ ; لِتَضَمُّنِ الدَّلِيلَيْنِ ذَلِكَ. قُلْنَا: إِنْ سُلِّمَ - فَلَا يَضُرُّ.

ص -[اسْتَدَلَّ] الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: ١١٥] .

وَلَيْسَ بِقَاطِعٍ ; لِاحْتِمَالٍ فِي مُتَابَعَتِهِ أَوْ مُنَاصَرَتِهِ، أَوِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ، أَوْ فِي الْإِيمَانِ، فَيَصِيرُ دَوْرًا ; لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالظَّاهِرِ إِنَّمَا يَثْبُتُ بِالْإِجْمَاعِ، بِخِلَافِ التَّمَسُّكِ فِي الْقِيَاسِ.

ص - الْغَزَالِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِقَوْلِهِ: " لَا تَجْتَمِعُ أُمَّتِي " مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: تَوَاتُرُ الْمَعْنَى لِكَثْرَتِهَا، كَشَجَاعَةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجُودِ حَاتِمٍ. وَهُوَ حَسَنٌ.

وَالثَّانِي: تَلَقِّي الْأُمَّةِ لَهَا بِالْقَبُولِ. وَذَلِكَ لَا يُخْرِجُهَا عَنِ الْآحَادِ.

ص - وَاسْتَدَلَّ: إِجْمَاعُهُمْ يَدُلُّ عَلَى قَاطِعٍ فِي الْحُكْمِ ; لِأَنَّ الْعَادَةَ امْتِنَاعُ إِجْمَاعِ مِثْلِهِمْ عَلَى مَظْنُونٍ.

وَأُجِيبَ بِمَنْعِهِ فِي الْجَلِيِّ وَأَخْبَارِ الْآحَادِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِوُجُوبِ الْعَمَلِ بِالظَّاهِرِ.

ص - الْمُخَالِفُ: تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ] ، فَرُدُّوهُ وَنَحْوُهُ. وَغَايَتُهُ الظُّهُورُ.

وَبِحَدِيثِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَيْثُ لَمْ يَذْكُرْهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ حُجَّةٌ.

ص - (مَسْأَلَةٌ) : وِفَاقُ مَنْ سَيُوجَدُ، لَا يُعْتَبَرُ اتِّفَاقًا. وَالْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُقَلِّدَ كَذَلِكَ.

وَمِيلُ الْقَاضِي إِلَى اعْتِبَارِهِ. وَقِيلَ: يُعْتَبَرُ الْأُصُولِيُّ. وَقِيلَ: الْفُرُوعِيُّ.

ص - لَنَا: لَوِ اعْتُبِرَ لَمْ يُتَصَوَّرْ. وَأَيْضًا: الْمُخَالَفَةُ عَلَيْهِ حَرَامٌ. فَغَايَتُهُ مُجْتَهِدٌ مُخَالِفٌ وَعُلِمَ عِصْيَانُهُ.

ــ

[الشرح]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>