. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
مِثَالُ الصِّدْقِ قَوْلُنَا: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، إِذَا كَانَ فِيهَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ فِيهَا. مِثَالُ الْكَذِبِ قَوْلُنَا: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَعَ اعْتِقَادِ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا. وَاسْتَدَلَّ الْجَاحِظُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ.
وَوَجْهُ التَّمَسُّكِ بِهِ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ الرَّسُولُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ نُبُوَّةِ نَفْسِهِ حَصَرَ الْكُفَّارُ [إِخْبَارَهُ النُّبُوَّةَ] فِي الِافْتِرَاءِ، أَيِ الْكَذِبِ، وَإِخْبَارِ مَنْ بِهِ جَنَّةٌ، حَصْرًا عَلَى مَنْعِ الْخُلُوِّ. وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ فِي حَالَةِ الْجُنُونِ كَذِبًا ; لِأَنَّهُمْ جَعَلُوهُ [قَسِيمَ] الْكَذِبِ، وَقَسِيمُ الشَّيْءِ لَا يَدْخُلُ تَحْتَهُ. وَلَيْسَ بِصِدْقٍ ; لِأَنَّهُمْ لَا يَعْتَقِدُونَ صِدْقَهُ. فَيَثْبُتُ قِسْمٌ آخَرُ لَا يَكُونُ صِدْقًا وَلَا كَذِبًا.
فَإِنْ قِيلَ: الْإِخْبَارُ فِي حَالِ الْجُنُونِ دَاخِلٌ فِي الْكَذِبِ ; لِأَنَّ الِافْتِرَاءَ هُوَ الْكَذِبُ عَنِ التَّعَمُّدِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ قَسِيمًا لِلْكَذِبِ عَنْ تَعَمُّدٍ، أَنْ لَا يَكُونَ كَذِبًا.
سَلَّمْنَا أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْكَذِبِ عِنْدَ مَنْ جَعَلَهُ قَسِيمًا لِلْكَذِبِ. فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْوَاسِطَةَ عِنْدَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute