. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَا اخْتِيرَ فِي التَّكْرَارِ؛ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ، كَمَا لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ.
وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي التَّكْرَارِ.
وَتَقْرِيرُهُ أَنَّ مَدْلُولَ الْأَمْرِ: طَلَبُ تَحْصِيلِ الْفِعْلِ، وَالْفَوْرُ وَالتَّرَاخِي خَارِجَانِ عَنْ مَفْهُومِهِ. فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ مُقْتَضِيًا لِلْفَوْرِ وَلَا لِلتَّرَاخِي.
وَأَيْضًا: الْفَوْرُ وَالتَّرَاخِي مِنْ صِفَاتِ الْفِعْلِ، وَلَا دَلَالَةَ لِلْمَوْصُوفِ عَلَى الصِّفَةِ.
ش - الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْفَوْرَ احْتَجُّوا بِسَبْعَةِ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ - إِذَا قَالَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ: اسْقِنِي مَاءً، فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ طَلَبُ السَّقْيِ عَلَى الْفَوْرِ ; لِأَنَّهُ لَوْ أَخَّرَ، عُدَّ الْعَبْدُ عَاصِيًا وَاسْتَحَقَّ اللَّوْمَ.
فَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ مُقْتَضِيًا لِلْفَوْرِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
أَجَابَ بِأَنَّ الْفَوْرَ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْقَرِينَةِ لَا مِنْ مُطْلَقِ الْأَمْرِ.
الثَّانِي - أَنَّ كُلَّ مُخْبِرٍ وَمُنْشِئٍ يَقْصِدُ بِإِخْبَارِهِ وَإِنْشَائِهِ الزَّمَانَ الْحَاضِرَ؛ مِثْلَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، وَأَنْتِ طَالِقٌ.
فَكَذَا الْأَمْرُ بِأَمْرِهِ ; لِأَنَّهُ قِسْمٌ مِنَ الْكَلَامِ.
أَجَابَ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ فِي اللُّغَةِ فَلَا يُفِيدُ.
وَبِالْفَرْقِ بِأَنَّ فِي هَذَا - أَيِ الْأَمْرِ - اسْتِقْبَالًا قَطْعًا ; لِأَنَّ الْأَمْرَ طَلَبُ تَحْصِيلِ الْفِعْلِ، وَطَلَبُ تَحْصِيلِ الْفِعْلِ مُقَدَّمٌ عَلَى حُصُولِهِ. فَيَكُونُ الْفِعْلُ الْمَأْمُورُ بِهِ مُسْتَقْبَلًا بِالنِّسْبَةِ إِلَى زَمَانِ صُدُورِ الْأَمْرِ عَنِ الْآمِرِ.
بِخِلَافِ سَائِرِ الْإِنْشَاءِ ; فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ وُقُوعُهُ فِي الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ؛ مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ ; فَإِنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ لَا يَتَأَخَّرُ عَنِ التَّلَفُّظِ بِالطَّلَاقِ.