للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٧٦ - عَنْ أَبِي جُهَيْمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «وَلَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ، لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ "، قَالَ أَبُو النَّصْرِ: لَا أَدْرِي قَالَ " أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٧٧٦ - (وَعَنْ أَبِي جُهَيْمٍ) : بِالتَّصْغِيرِ، قِيلَ: هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُهَيْمٍ، وَقِيلَ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَرْثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيُّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " لَوْ يَعْلَمُ الْمَارُّ ") ، أَيْ: قَاصِدُ الْمُرُورِ وَمُرِيدُهُ (" بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي ") : ظَرْفُ الْمَارِّ (" مَاذَا ") ، أَيْ: أَيَّ شَيْءٍ (" علَيْهِ ") : مِنَ الْإِثْمِ بِسَبَبِ مُرُورِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ سَدَّ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ لِيَعْلَمَ، وَقَدْ عُلِّقَ عَمَلُهُ بِالِاسْتِفْهَامِ، وَلَعَلَّ حِكْمَةَ إِبْهَامِهِ الدَّلَالَةُ عَلَى عَظَمَةِ ذَلِكَ الْإِثْمِ، وَإِنَّهُ وَاصَلٌ إِلَى مَا لَا يَقْدِرُ قَدْرَهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨] وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ: " مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ " " «لَكَانَ أَنْ يَقِفَ أَرْبَعِينَ خَيْرًا لَهُ مِنْ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ» ") : قَالَ الْعَلَّامَةُ الْكِرْمَانِيُّ: جَوَابُ " لَوْ " لَيْسَ هَذَا الْمَذْكُورَ، بِلَا لِتَقْدِيرِ لَوْ يَعْلَمُ مَاذَا عَلَيْهِ لَوَقَفَ أَرْبَعِينَ، وَلَوْ وَقَفَ أَرْبَعِينَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُ، قَالَ: وَأُبْهِمَ الْعَدَدُ تَفْخِيمًا لِلْأَمْرِ وَتَعْظِيمًا، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: مَعْنَاهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّ فِي الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي خَيْرًا، لَكَانَ الْوُقُوفُ أَرْبَعِينَ سَنَةً خَيْرًا مِنَ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيْهِ اهـ.

وَمَا أَبْعَدَهُ عَنِ الْمَرْمَى إِذْ عَلَى تَقْدِيرِ تَقْدِيرِهِ لَا وَجْهَ لِلتَّقْيِيدِ بِأَرْبَعِينَ وَغَيْرِهِ أَصْلًا، وَتَفُوتُ الْمُبَالَغَةُ الْمَطْلُوبَةُ، بَلْ يَفْسُدُ الْمَعْنَى عَلَى مَذْهَبِهِ الَّذِي يَعْتَبِرُ فِيهِ الْمَفْهُومَ، وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ مَعَ هَذَا قَالَ: وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ حُرْمَةُ الْمُرُورِ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي، بَلْ أَقُولُ: لَا يَصِحُّ هَذَا التَّقْدِيرُ مِنْ أَصْلِهِ إِذْ يَنْحَلُّ الْكَلَامُ إِلَى أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ فَرْضُ كَوْنِ عِلْمِ الْمَارِّ بَيْنَ يَدَيِ الْمُصَلِّي مَاذَا عَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ خَيْرًا لَكَانَ إِلَخْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ (قَالَ أَبُو النَّضِرِ: لَا أَدْرِي قَالَ) : أَيْ: أَبُو جُهَيْمٍ (" أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ شَهْرًا، أَوْ سَنَةً ") : قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ، قَالَ الطَّحَاوِيُّ: الْمُرَادُ أَرْبَعُونَ سَنَةً لَا يَوْمًا وَلَا شَهْرًا، نَقَلَهُ الطَّيبِيُّ، وَقَالَ الشَّيْخُ ابْنُ حَجَرٍ: ظَاهِرُ السِّيَاقِ أَنَّهُ عَيَّنَ الْمَعْدُودَ، لَكِنَّ الرَّاوِيَ تَرَدَّدَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>