٢٧ - وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَابْنُ أَمَتِهِ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالْجَنَّةُ وَالنَّارُ حَقٌّ - أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ الْعَمَلِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٧ - (وَعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ) مَرَّ ذِكْرُهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ) حَالٌ، أَيْ يَنْفَرِدُ مُنْفَرِدًا (لَا شَرِيكَ لَهُ) : تَأْكِيدٌ بَعْدَ تَأْكِيدٍ (وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ) الْأَجَلُّ (وَرَسُولُهُ) الْأَكْمَلُ (وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ) : لَمْ يُضْمِرْ لِيَكُونَ أَصْرَحَ فِي الْمَقْصُودِ، وَهُوَ تَعْرِيضٌ بِالنَّصَارَى وَتَقْرِيرٌ لِعَبْدِيَّتِهِ وَإِشْعَارٌ إِلَى إِبْطَالِ مَا يَقُولُونَ بِهِ مِنِ اتِّخَاذِ أُمِّهِ صَاحِبَةً (وَرَسُولُهُ) تَعْرِيضٌ بِالْيَهُودِ (وَابْنُ أَمَتِهِ) : كَذَا فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، وَالْإِضَافَةُ فِي أَمَتِهِ لِلتَّشْرِيفِ رَدًّا عَلَى الْيَهُودِ فِي الْقَذْفِ (وَكَلِمَتُهُ) : سُمِّيَ عِيسَى بِالْكَلِمَةِ لِأَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، أَبْدَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَبٍّ، وَأَنْطَقَهُ فِي غَيْرِ أَوَانِهِ، فَالْإِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ، وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ مُوجَدًا بِـ " كُنْ "، وَقِيلَ: لَمَّا انْتَفَعَ بِكَلَامِهِ سُمِّيَ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ سَيْفُ اللَّهِ وَأَسَدُ اللَّهِ، وَقِيلَ: لَمَّا خَصَّهُ بِهِ فِي صِغَرِهِ حَيْثُ قَالَ: إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ (أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ) : اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَيْ أَوْصَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى إِلَيْهَا، وَحَصَّلَهَا فِيهَا (وَرُوحٌ مِنْهُ) أَيْ مُبْتَدَأٌ مِنْ مَحْضِ إِرَادَتِهِ، فَإِنَّ سَائِرَ الْأَرْوَاحِ الْبَشَرِيَّةِ هِيَ كَالْمُتَوَلِّدَةِ عَنْ أَرْوَاحِ آبَائِهِمْ، لَاسِيَّمَا عَلَى مَذْهَبِ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْأَرْوَاحَ أَجْسَامٌ سَارِيَةٌ فِي الْبَدَنِ سَرَيَانَ مَاءِ الْوَرْدِ، قِيلَ: سُمِّيَ بِالرُّوحِ لِمَا كَانَ لَهُ مِنْ إِحْيَاءِ الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ، فَكَّانِ كَالرُّوحِ، أَوْ لِأَنَّهُ ذُو رُوحٍ وَجَسَدٍ مِنْ غَيْرِ جُزْءٍ مِنْ ذِي رُوحٍ كَالنُّطْفَةِ الْمُنْفَصِلَةِ عَلَى حَيٍّ، وَإِنَّمَا اخْتُرِعَ اخْتِرَاعًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى، أَوْ لِأَنَّهُ أَحْدَثَ فِي نَفْخِ الرُّوحِ لِإِرْسَالِهِ جِبْرِيلَ إِلَى أُمِّهِ، فَنَفَخَ فِي دِرْعِهَا مَشْقُوقًا إِلَى قُدَّامِهَا فَوَصَلَ النَّفْخُ إِلَيْهَا، فَحَمَلَتْ بِهِ مُقَدَّسًا عَنْ لَوْثِ النُّطْفَةِ وَالتَّقَلُّبِ فِي أَطْوَارِ الْخِلْقَةِ مِنَ الْعَلَقَةِ وَالْمُضْغَةِ، وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ: " مِنْهُ " إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ مُقَرَّبُهُ وَحَبِيبُهُ، تَعْرِيضًا بِالْيَهُودِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute