يَنْبَغِي وَأَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لِلْإِنْكَارِ، (ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ) ، أَيِ: الْقَوْلَةَ الثَّانِيَةَ، أَوِ الْمَرَّةَ الثَّانِيَةَ (فَلَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ) : لِمَا سَبَقَ أَوْ لِأَنَّ حَقَّ الْجَوَابِ لِلْمُتَكَلِّمِ، (ثُمَّ قَالَهَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَ) : لَمَّا ظَهَرَ لَهُ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ لِغَيْرِ الْإِنْكَارِ، أَوْ مَعَ كَوْنِهِ لَهُ حَتَّى يَعْلَمَ حُكْمَ اللَّهِ فِيمَا قَالَهُ (رِفَاعَةُ) : فِيهِ تَجْرِيدٌ وَأَصْلُهُ فَقُلْتُ (أَنَا) : أَيِ الْمُتَكَلِّمُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ: النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (" وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ") ، أَيْ: إِيجَادُهَا وَإِمْدَادُهَا بِقُدْرَتِهِ وَإِرَادَتِهِ (" لَقَدِ ابْتَدَرَهَا ") ، أَيِ: اسْتَبَقَ إِلَيْهَا (" بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ مَلَكٌ ") : حُرُوفُ الْكَلِمَاتِ خَمْسٌ وَثَلَاثُونَ مَا عَدَا التَّنْوِينَاتِ (" أَيُّهُمْ يَصْعَدُ بِهَا ") ، أَيْ: يَسْبِقُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ; لِأَنْ يَصْعَدَ بِهَا، قَالَهُ ابْنُ الْمَلَكِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْجُمْلَةُ سَدَّتْ مَسَدَّ مَفْعُولَيْ " يَنْظُرُونَ " الْمَحْذُوفِ عَلَى التَّعْلِيقِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: يَدُلُّ الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ فِي الصَّلَاةِ، يَعْنِي: عَلَى الصَّحِيحِ الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ رِوَايَةِ الْبُطْلَانِ، فَإِنَّهَا شَاذَّةٌ، لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَحْمَدَ فِي نَفْسِهِ أَوْ يَسْكُتَ خُرُوجًا مِنَ الْخِلَافِ عَلَى مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَالْحَدِيثُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا قَبْلَ نَسْخِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) : وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، نَقَلَهُ مِيرَكُ، (وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ) : قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلْمُصَلِّي إِذَا عَطَسَ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ، وَإِنِ اقْتَصَرَ الْأَئِمَّةُ عَلَى قَوْلِهِمْ: يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَحْمَدَ وَيُسْمِعَ نَفْسَهُ، وَوَقَعَ فِي الْإِحْيَاءِ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ يَحْمَدُ فِي نَفْسِهِ وَلَا يُحَرِّكُ بِهِ لِسَانَهُ، وَهَذَا الْحَدِيثُ أَبْلَغُ شَاهِدٍ لِرَدِّ هَذِهِ الْمَقَالَةِ، قُلْتُ: الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْكَلَامِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " مَنِ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلَاةِ؟ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ مَنِ الْحَامِدُ فِيهَا، وَيُؤَيِّدُهُ مُخَالَفَةُ الْعُلَمَاءِ لِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute