للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٠٨٤ - وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " «لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلٌ أَهْلَهُ أَنْ يَأْتُوا الْمَسَاجِدَ» ". فَقَالَ ابْنٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ: فَإِنَّا نَمْنَعُهُنَّ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ هَذَا؟ ! قَالَ: فَمَا كَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ. رَوَاهُ أَحْمَدُ.

ــ

١٠٨٤ - (وَعَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَا يَمْنَعَنَّ رَجُلٌ أَهْلَهُ) أَيْ: نِسَاءَهُ (أَنْ يَأْتُوا الْمَسَاجِدَ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: ذَكَرَ ضَمِيرَ النِّسَاءِ تَعْظِيمًا لَهُنَّ حَيْثُ قَصَدْنَ السُّلُوكَ مَسْلَكَ الرِّجَالِ الرُّكَّعِ وَالسُّجُودِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم: ١٢] .

وَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَإِنْ شِئْتُ حَرَّمْتُ النِّسَاءَ سِوَاكُمُ

(فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) : وَهُوَ بِلَالٌ (فَإِنَّا نَمْنَعُهُنَّ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَقُولُ هَذَا؟ قَالَ) أَيْ: مُجَاهِدٌ (فَمَا كَلَّمَهُ عَبْدُ اللَّهِ حَتَّى مَاتَ) أَيْ: عَبْدُ اللَّهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: عَجِبْتُ مِمَّنْ يَتَسَمَّى بِالسُّنِّيِّ إِذَا سَمِعَ مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ رَأْيٌ رَجَّحَ رَأْيَهُ عَلَيْهَا، وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُبْتَدِعِ، أَمَا سَمِعَ: " «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ» "، وَهَا هُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَهُوَ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ وَفُقَهَائِهَا كَيْفَ غَضِبَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَهَجَرَ فَلْذَةَ كَبِدِهِ لِتِلْكَ الْهَنَةِ عِبْرَةً لِأُولِي الْأَلْبَابِ.

قُلْتُ: يُشَمُّ مِنْ كَلَامِ الطِّيبِيِّ رَائِحَةُ الْكِنَايَةِ الِاعْتِرَاضِيَّةِ عَلَى الْعُلَمَاءِ الْحَنَفِيَّةِ، ظَنًّا مِنْهُ أَنَّهُمْ يُقَدِّمُونَ الرَّأْيَ عَلَى الْحَدِيثِ، وَلِذَا يُسَمَّوْنَ أَصْحَابَ الرَّأْيِ، وَلَمْ يَدْرِ أَنَّهُمْ إِنَّمَا سُمُّوا بِذَلِكَ لِدِقَّةِ رَأْيِهِمْ وَحَذَاقَةِ عَقْلِهِمْ، وَلِذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ النَّاسِ عِيَالُ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: إِنَّ جَمِيعَ الْحَنَفِيَّةِ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ إِمَامِهِمْ أَنَّ ضَعِيفَ الْحَدِيثِ أَوْلَى عِنْدَهُ مِنَ الرَّأْيِ وَالْقِيَاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>