١٢٥٧ - وَعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ ; فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ. قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ وَتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ لَهُ سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ، فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَيَتَسَوَّكُ، وَيَتَوَضَّأُ، وَيُصَلِّي تِسْعَ رَكَعَاتٍ، لَا يَجْلِسُ فِيهَا إِلَّا فِي الثَّامِنَةِ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ، وَيَحْمَدُهُ، وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يَنْهَضُ، وَلَا يُسَلِّمُ، فَيُصَلِّي التَّاسِعَةَ، ثُمَّ يَقْعُدُ، فَيَذْكُرُ اللَّهَ وَيَحْمَدُهُ وَيَدْعُوهُ، ثُمَّ يُسَلِّمُ تَسْلِيمًا يُسْمِعُنَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَمَا يُسَلِّمُ وَهُوَ قَاعِدٌ، فَتِلْكَ إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يَا بُنَيَّ، فَلَمَّا أَسَنَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَخَذَ اللَّحْمَ، أَوْتَرَ بِسَبْعٍ، وَصَنَعَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَنِيعِهِ فِي الْأُولَى، فَتِلْكَ تِسْعٌ يَا بُنَيَّ. وَكَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَحَبَّ أَنْ يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، وَكَانَ إِذَا غَلَبَهُ نَوْمٌ أَوْ وَجَعٌ عَنْ قِيَامِ اللَّيْلِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَلَا أَعْلَمُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ الْقُرْآنَ كُلَّهُ فِي لَيْلَةٍ، وَلَا صَلَّى لَيْلَةً إِلَى الصُّبْحِ، وَلَا صَامَ شَهْرًا كَامِلًا غَيْرَ رَمَضَانَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
ــ
١٢٥٧ - (وَعَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ) : تَابِعِيٌّ جَلِيلُ الْقَدْرِ، قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ. (قَالَ: انْطَلَقْتُ) ، أَيْ: ذَهَبْتُ (إِلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، أَنْبِئِينِي) ، أَيْ: أَخْبِرِينِي (عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ) : بِضَمِّ الْخَاءِ وَاللَّامِ وَيُسَكَّنُ، أَيْ أَخْلَاقِهِ وَشَمَائِلِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ، أَيْ طَبْعِهِ وَمُرُوَّتِهِ (قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى. قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنَ) ، أَيْ: كَانَ خُلُقُهُ جَمِيعَ مَا فُصِّلَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُتَحَلِّيًا بِهِ، وَقِيلَ: تَعْنِي كَانَ خُلُقُهُ مَذْكُورًا فِي الْقُرْآنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِنَّكَ لَعَلَّى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: ٤] تَعْنِي أَنَّ الْعَظِيمَ إِذَا عَظَّمَ أَمْرًا لَمْ يُقَدِّرْ أَحَدٌ قَدْرَهُ، وَلَمْ يَعْرِفْ أَحَدٌ طَوْرَهُ، وَقَالَ صَاحِبُ الْإِحْيَاءِ: أَرَادَتْ بِقَوْلِهَا كَانَ خُلُقُهُ - الْقُرْآنَ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذِ الْعَفْوَ} [الأعراف: ١٩٩] الْآيَةَ. وَقَوْلِهِ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ} [النحل: ٩٠] الْآيَةَ. وَقَوْلِهِ: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: ١٧] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ} [المائدة: ١٣] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ} [آل عمران: ١٣٤] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ} [الحجرات: ١٢] مِنَ الْآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى تَهْذِيبِ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ، وَتَحْصِيلِ الْأَخْلَاقِ الْحَمِيدَةِ. (قُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي) ، أَيْ: حَدِّثِينِي (عَنْ وَتْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، أَيْ: عَنْ وَقْتِهِ وَكَيْفِيَّتِهِ وَعَدَدِ رَكَعَاتِهِ (فَقَالَتْ: كُنَّا نُعِدُّ) : مِنَ الْإِعْدَادِ، أَيْ نُهَيِّئُ (لَهُ) ، أَيْ: لِأَجْلِهِ (سِوَاكَهُ وَطَهُورَهُ) : بِالْفَتْحِ، أَيْ: مَاءَ وُضُوئِهِ (فَيَبْعَثُهُ اللَّهُ) ، أَيْ: يُوقِظُهُ (مَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَهُ) ، أَيْ: فِي الْوَقْتِ الْمُقَدَّرِ الَّذِي شَاءَ بَعْثَهُ فِيهِ، قَالَ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: " مَا " مَوْصُولَةٌ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، أَيْ: مَا شَاءَ فِيهِ بِمَعْنَى الْمِقْدَارِ، وَقَوْلُهُ: (مِنَ اللَّيْلِ) : بَيَانِيَّةٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا تَبْعِيضِيَّةٌ، أَيْ: مِنْ سَاعَاتِ اللَّيْلِ وَأَوْقَاتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute