للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٢٩٩ - وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةً، فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ، فَقَالَ: " أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟ "، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ. فَقَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَغْفِرُ لِأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعْرِ غَنَمِ كَلْبٍ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَزَادَ رَزِينٌ: " مِمَّنِ اسْتَحَقَّ النَّارَ "، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: سَمِعْتُ مُحَمَّدًا - يَعْنِي الْبُخَارِيَّ - يُضَعِّفُ هَذَا الْحَدِيثَ.

ــ

١٢٩٩ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: فَقَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، أَيْ: طَلَبَتْهُ فَمَا وَجَدَتْهُ (لَيْلَةً) : مِنْ لَيَالِيَّ، تَعْنِي: فِي لَيْلَتِي الَّتِي كَانَ فِيهَا عِنْدِي، فَتَتَبَّعْتُهُ، (فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ) ، أَيْ: وَاقِفٌ أَوْ حَاضِرٌ فِيهِ، وَفِيهِ حَذْفٌ بَيِّنَتْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى، أَيْ: فَشَدَدْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي، وَخَرَجْتُ أَتْبَعُ أَثَرَهُ، فَإِذَا هُوَ سَاجِدٌ بِالْبَقِيعِ فَأَطَالَ السُّجُودَ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ قُبِضَ، فَلَمَّا سَلَّمَ الْتَفَتْ إِلَيَّ (فَقَالَ: " أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ) ، أَيْ: يَجُورَ وَيَظْلِمَ (اللَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ) : ذَكَرَ اللَّهَ تَنْوِيهًا لِعِظَمِ شَأْنِهِ عِنْدَ رَبِّهِ عَلَى حَدِّ: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: ١٠] ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَوْ تَزْيِينًا لِلْكَلَامِ وَتَحْسِينًا، أَوْ حِكَايَةً لِمَا وَقَعَ فِي الْآيَةِ: {أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ} [النور: ٥٠] ، وَإِشَارَةً إِلَى التِّلَاوَةِ بَيْنَهُمَا كَالْإِطَاعَةِ وَالْمَحَبَّةِ، قِيلَ: عَدَلَ عَنْ (أَحْيَفَ أَنَا) إِلَى: (يَحِيفَ رَسُولُهُ) ، إِيذَانًا بِأَنَّ الْحَيْفَ وَهُوَ الْجَوْرُ بِإِعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ، أَوْ بِمَنْعِ مَنْ يَسْتَحِقُّ لَيْسَ مِنْ شِيَمِ مَنِ اتَّصَفَ بِوَصْفِ الرِّسَالَةِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: يَعْنِي: ظَنَنْتِ أَنِّي ظَلَمْتُكِ بِأَنْ جَعَلْتُ مِنْ نَوْبَتِكِ لِغَيْرِكِ، وَذَلِكَ مُنَافٍ لِمَنْ تَصَدَّى بِمَنْصِب الرِّسَالَةِ، وَهَذَا مَعْنَى الْعُدُولِ عَمَّا هُوَ مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْعِبَارَةِ، وَهُوَ ظَنَنْتِ أَنِّي أَحْيَفُ عَلَيْكِ، وَأَمَّا تَفْسِيرُ ابْنِ حَجَرٍ قَوْلَهُ: أَكُنْتِ تَخَافِينَ بِقَوْلِهِ، أَيْ: أَدَمْتِ عَلَى أَنَّكِ تَظُنِّينَ فَلَا وَجْهَ لَهُ ; لِأَنَّ الْكَوْنَ هُنَا لَيْسَ لِلِاسْتِمْرَارِ وَالدَّوَامِ، بَلْ لِمُجَرَّدِ الرَّبْطِ أَوْ لِوُقُوعِ الْخَوْفِ فِي الْمُضِيِّ، نَعَمْ كَانَ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ أَخِفْتِ أَوْ كُنْتِ خِفْتِ، لَكِنْ عَدَلَ عَنِ الْمَاضِي إِلَى الْمُضَارِعِ، اسْتِحْضَارًا لِلْحَالِ الْمَاضِيَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهَا: أَظْنَنْتِ ظَنًّا مُنْسَحِبًا إِلَى الْحَالِ.

(قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنِّي ظَنَنْتُ) : تَعْنِي: وَإِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ (أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ) ، أَيْ: زَوْجَاتِكَ لِبَعْضِ مُهِمَّاتِكَ، فَأَرَدْتُ تَحْقِيقَهَا، وَحَمَلَنِي عَلَى هَذَا الْغَيْرَةُ الْحَاصِلَةُ لِلنِّسَاءِ الَّتِي تُخْرِجُهُنَّ عَنْ دَائِرَةِ الْعَقْلِ وَحَائِزَةِ التَدَبُّرٍ لِلْعَاقِبَةِ مِنَ الْمُعَاتَبَةِ أَوِ الْمُعَاقَبَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنِّي مَا ظَنَنْتُ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ عَلَيَّ أَوْ عَلَى غَيْرِي، بَلْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>