للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٦ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ؟ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؛ فَلْيَقُلْ: آمَنَتُ بِاللَّهِ، وَرُسُلِهِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٦٦ - (وَعَنْهُ) أَيْ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ) أَيْ: يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا عَنِ الْعُلُومِ، وَالْمَوْجُودَاتِ، وَالتَّسَاؤُلُ جَرَيَانُ السُّؤَالِ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْعَبْدِ، وَالشَّيْطَانِ، أَوِ النَّفْسِ، أَوْ إِنْسَانِ آخَرَ أَيْ: يَجْرِي بَيْنَهُمَا السُّؤَالُ فِي كُلِّ نَوْعٍ (حَتَّى) : يَبْلُغَ السُّؤَالُ إِلَى أَنْ [ ( «يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ» ؟) : قِيلَ: لَفْظُ هَذَا مَعَ عَطْفِ بَيَانِهِ الْمَحْذُوفِ، وَهُوَ الْمَقُولُ مَفْعُولُ يُقَالُ؛ أُقِيمَ مَقَامَ الْفَاعِلِ، وَ (خَلَقَ اللَّهُ) تَفْسِيرٌ لِهَذَا، أَوْ بَيَانٌ، أَوْ بَدَلٌ، وَقِيلَ: مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ: هَذَا الْقَوْلُ، أَوْ قَوْلُكَ هَذَا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ وَالْجُمْلَةُ أُقِيمَتْ مَقَامَ فَاعِلِ يُقَالُ: (فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا؟) : إِشَارَةٌ إِلَى الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ، وَمِنْ ذَلِكَ حَالٌ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا أَيْ: مَنْ صَادَفَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَالسُّؤَالِ، أَوْ وَجَدَ فِي خَاطِرِهِ شَيْئًا مِنْ جِنْسِ ذَلِكَ الْمَقَالِ (فَلْيَقُلْ) أَيْ: فَوْرًا مِنْ حِينِهِ (آمَنَتُ بِاللَّهِ، وَرُسُلِهِ) أَيْ: آمَنَتُ بِالَّذِي قَالَ اللَّهُ، وَرُسُلُهُ مِنْ وَصْفِهِ تَعَالَى بِالتَّوْحِيدِ، وَالْقِدَمِ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ، وَإِجْمَاعُ الرُّسُلِ هُوَ الصِّدْقُ وَالْحَقُّ، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ؛ ثُمَّ هَذَا الْقَوْلُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْعِلْمِ وَالتَّحْقِيقِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى طَرِيقِ التَّقْلِيدِ. هَذَا الَّذِي ظَهَرَ لِي فِي هَذَا الْمَقَامِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَتَبِعَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنْ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ كُفْرٌ، فَمَنْ تَكَلَّمَ بِهِ فَلْيَتَدَارَكْهُ بِكَلِمَةِ الْإِيمَانِ، فَفِي كَوْنِهِ مُرَادًا نَظَرٌ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ إِلَى السَّائِلِ الْمُجَادِلِ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ شَيَاطِينِ الْإِنْسِ، أَوِ الْجِنِّ عَلَى التَّغْلِيبِ، كَمَا يَنْصُرُهُ الْحَدِيثُ السَّابِقُ، وَلَا مِنَ الْمَسْئُولِ؛ لِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ صَرِيحُ الْإِيمَانِ، وَلِأَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: فَلْيَقُلْ إِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَسْئُولِ كَقَوْلِهِ: فَلْيَسْتَعِذْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّمَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلِذَا قِيلَ: يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَسْتَعِيذَ، ثُمَّ يَقُولُ آمَنَتُ بِاللَّهِ، وَرُسُلِهِ، وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ: فَإِنَّ ذَلِكَ يَذْهَبُ عَنْهُ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : رَوَى مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ، وَفِي رِوَايَتِهِ حَتَّى يُقَالَ هَذَا اللَّهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي كِتَابِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالْحَدِيثُ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ مُحْتَمِلٌ لِغَيْرِ مَا ذَكَرَهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَخَبَرًا. أَوْ هَذَا مُبْتَدَأٌ، وَاللَّهُ عَطْفُ بَيَانٍ، وَخَلَقَ الْخَلْقَ خَبَرُهُ، وَأَكْثَرُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ يَرْوُونَهُ عَلَى هَذَا السِّيَاقِ فَيُرَجَّحُ إِذًا عَلَى السِّيَاقِ الْمَذْكُورِ فِي الْمَصَابِيحِ، وَأَنَّ كِلَاهُمَا (صِحَاحٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>