للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٤٠٤ - (وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ النِّدَاءُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ، فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ وَكَثُرَ النَّاسُ، زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى الزَّوْرَاءِ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

ــ

١٤٠٤ - (وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كَانَ النِّدَاءُ) أَيِ: الْإِعْلَامُ (يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوَّلُهُ) وَهُوَ الْأَذَانُ (إِذَا جَلَسَ الْإِمَامُ عَلَى الْمِنْبَرِ) أَيْ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، وَثَانِيهِ وَهُوَ الْإِقَامَةُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الْخُطْبَةِ وَنَزَلَ (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ) أَيْ: زَمَانِهِمْ (فَلَمَّا كَانَ عُثْمَانُ) أَيْ: زَمَنُ خِلَافَتِهِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: كَانَ تَامَّةٌ أَيْ: حَصَلَ عَهْدُهُ وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَيَصِحُّ كَوْنُهَا نَاقِصَةً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ: خَلِيفَةً، وَفِيهِ أَنَّ التَّقْدِيرَ إِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ (وَكَثُرَ النَّاسُ) أَيِ: الْمُؤْمِنُونَ بِالْمَدِينَةِ، وَصَارَ ذَلِكَ الْأَذَانُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ لَا يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: أَوْ لَمَّا ظَهَرَتِ الْبِدْعَةُ عَلَى مَا قِيلَ إِنَّهَا أَوَّلُ الْبِدَعِ، وَهُوَ تَرْكُ التَّكْبِيرِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِاسْتِبْعَادِ سَمَاعِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ جَمِيعِهِمُ الْأَذَانَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (زَادَ) أَيْ: عُثْمَانُ (النِّدَاءَ الثَّالِثَ) أَيْ: حُدُوثًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْوُقُوعِ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَهُ أَذَانٌ آخَرُ قَدِيمًا مَعَ الْإِقَامَةِ فِي الْمَفَاتِيحِ أَيْ: فَأَمَرَ عُثْمَانُ أَنْ يُؤَذَّنَ أَوَّلَ الْوَقْتِ قَبْلَ أَنْ يَصْعَدَ الْخَطِيبُ الْمِنْبَرَ كَمَا فِي زَمَانِنَا اهـ.

وَقَدْ حَدَثَ فِي زَمَانِنَا أَذَانٌ رَابِعٌ وَهُوَ الْأَذَانُ لِإِعْلَامِ دُخُولِ الْخَطِيبِ فِي الْمَسْجِدِ (عَلَى الزَّوْرَاءِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْوَاوِ بِالرَّاءِ وَالْمَدِّ: مَوْضِعٌ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ. قَالَ التُّورْبَشْتِيُّ: ذُكِرَ تَفْسِيرُهَا فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ هِيَ دَارٌ فِي سُوقِ الْمَدِينَةِ، يَقِفُ الْمُؤَذِّنُونَ عَلَى سَطْحِهَا، وَلَعَلَّ هَذِهِ الدَّارَ سُمِّيَتْ زَوْرَاءَ لِمَيْلِهَا عَنْ عِمَارَةِ الْبَلَدِ. يُقَالُ: قَوْسٌ زَوْرَاءُ أَيْ: مَائِلَةٌ، وَأَرْضٌ زَوْرَاءُ أَيْ: بَعِيدَةٌ، نَقَلَهُ السَّيِّدُ وَقِيلَ: جِدَارٌ، وَقِيلَ: حَجَرٌ كَبِيرٌ، وَجَزَمَ ابْنُ بَطَّالٍ بِالْأَخِيرِ فَقَالَ: الزَّوْرَاءُ حَجَرٌ كَبِيرٌ عِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: زَادَ النِّدَاءَ الثَّالِثَ عَلَى دَارٍ فِي السُّوقِ يُقَالُ لَهَا: الزَّوْرَاءُ فَكَانَ يُؤَذَّنُ عَلَيْهَا. نَقَلَهُ مِيرَكُ عَنِ الشَّيْخِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: ثُمَّ نَقَلَ هِشَامٌ هَذَا الْأَذَانَ إِلَى الْمَسْجِدِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ الثَّالِثِ هُوَ النِّدَاءُ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ لِيَحْضُرَ الْقَوْمُ، وَيَسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِنَّمَا زَادَ عُثْمَانُ ذَلِكَ لِكَثْرَةِ النَّاسِ فَرَأَى هُوَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَ الْوَقْتِ لِيَنْتَهِيَ الصَّوْتُ إِلَى نَوَاحِي الْمَدِينَةِ، وَيَجْتَمِعَ النَّاسُ قَبْلَ خُرُوجِ الْإِمَامِ ; لِئَلَّا يَفُوتَ عَنْهُمْ أَوَائِلُ الْخُطْبَةِ، وَسُمِّيَ هَذَا النِّدَاءُ ثَالِثًا، وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الْوُقُوعِ أَوَّلًا ; لِأَنَّهُ ثَالِثُ النِّدَاءَيْنِ اللَّذَيْنَ كَانَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَزَمَانِ الشَّيْخَيْنِ، وَهُمَا الْأَذَانُ بَعْدَ صُعُودِ الْخَطِيبِ، وَقَبْلَ قِرَاءَةِ الْخُطْبَةِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ الْأَوَّلِ وَالْإِقَامَةِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنَ الْقِرَاءَةِ عِنْدَ نُزُولِهِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ الثَّانِي اهـ.

وَقَوْلُهُ: يُؤَذِّنُ الْمُؤَذِّنُ قَبْلَ الْوَقْتِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ بَقِيَّةِ الشُّرَّاحِ وَعَامَّةِ الْفُقَهَاءِ، وَعُرْفِ زَمَانِنَا إِلَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ قَبْلَ الْوَقْتِ الْمُعْتَادِ، وَهُوَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيِ الْإِمَامِ بَعْدَ طُلُوعِهِ الْمِنْبَرِ، وَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ الزَّوَالِ فَيَزُولُ الْإِشْكَالُ، وَأَمَّا مَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ: كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَذَانَيْنِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَيْ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ كَمَا بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ، ثُمَّ مَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يُسَمِّيهِ بِدْعَةً قِيلَ: إِنَّهُ نَظَرَ إِلَى أَنَّ الْبِدْعَةَ مَا أُحْدِثَ بَعْدَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَلَوْ كَانَ حَسَنًا وَإِلَّا فَمَا أَحْدَثَهُ عُثْمَانُ أَجْمَعُوا عَلَيْهِ إِجْمَاعًا سُكُوتِيًّا، وَلَا يُعَارَضُ أَنَّ عُثْمَانَ أَحْدَثَ أَذَانًا، وَإِنَّمَا كَانَ يَأْمُرُ بِالْإِعْلَامِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ مَا كَانَ فِي زَمَنِ عُمَرَ مِنْ مُجَرَّدِ الْإِعْلَامِ اسْتَمَرَّ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، ثُمَّ رَأَى أَنْ يَجْعَلَهُ أَذَانًا عَلَى مَكَانٍ عَالٍ، فَفَعَلَ وَأَخَذَ النَّاسُ بِفِعْلِهِ فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ إِذْ ذَاكَ ; لِكَوْنِهِ خَلِيفَةً مُطَاعًا، وَقِيلَ: أَوَّلُ مَنْ أَحْدَثَهُ بِمَكَّةَ الْحَجَّاجُ، وَالْبَصْرَةِ زِيَادٌ، وَأَمَّا الَّذِي نَقَلَهُ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ عَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>