ابْنِ حَزْمٍ: إِنَّهُ مَجْهُولٌ كَذِبٌ مِنْهُ، قَالَ: عَرَضْتُ هَذَا الْكِتَابَ - يَعْنِي سُنَنَهُ - عَلَى عُلَمَاءِ الْحِجَازِ، وَالْعِرَاقِ، وَخُرَاسَانَ فَرَضُوا بِهِ، وَمَنْ كَانَ فِي بَيْتِهِ فَإِنَّمَا فِي بَيْتِهِ نَبِيٌّ يَتَكَلَّمُ، نَعَمْ، عِنْدَهُ نَوْعُ تَسَاهُلٍ فِي التَّصْحِيحِ، وَلَا يَضُرُّهُ، فَقَدْ حَكَمَ بِالْحُسْنِ مَعَ وُجُودِ الِانْقِطَاعِ فِي أَحَادِيثَ مِنْ سُنَنِهِ، وَحَسَّنَ فِيهَا بَعْضَ مَا انْفَرَدَ رُوَاتُهُ بِهِ كَمَا صَرَّحَ هُوَ بِهِ، فَإِنَّهُ يُورِدُ الْحَدِيثَ، ثُمَّ يَقُولُ عَقِبَهُ: إِنَّهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ، أَوْ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. لَكِنْ أُجِيبَ عَنْهُ: بِأَنَّ هَذَا اصْطِلَاحٌ جَدِيدٌ، وَلَا مُشَاحَّةَ فِي الِاصْطِلَاحِ. وَقَدْ أَطْلَقَ الْحَاكِمُ، وَالْخَطِيبُ الصِّحَّةَ عَلَى جَمِيعِ مَا فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ، تُوُفِّيَ بِتِرْمِذَ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَأَعْلَى أَسَانِيدِهِ مَا يَكُونُ وَاسِطَتَانِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي سُنَنِهِ بِهَذَا الطَّرِيقِ، وَهُوَ: " «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ» "، فَإِسْنَادُهُ أَقْرَبُ مِنْ إِسْنَادِ الْبُخَارِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، فَإِنَّ لَهُمْ ثُلَاثِيَّاتٍ، وَذَكَرَ فِي جَامِعِهِ بِسَنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ، وَهُوَ: يَا عَلِيُّ، لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُجْنِبَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ غَيْرِي، وَغَيْرُكَ. ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَقَدْ سَمِعَهُ مِنَ الْبُخَارِيِّ.
(وَأَبِي دَاوُدَ سُلَيْمَانَ بْنِ الْأَشْعَثِ السِّجِسْتَانِيِّ) : بِكَسْرِ السِّينِ الْأُولَى، وَيُفْتَحُ، وَبِكَسْرِ الْجِيمِ، وَسُكُونِ السِّينِ الثَّانِيَةِ مُعَرَّبُ سِيسْتَانِ مِنْ نَوَاحِي هُرَاةَ مِنْ بِلَادِ خُرَاسَانَ، وُلِدَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوُفِّيَ بِالْبَصْرَةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَهُوَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ الْحُجَّةُ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَقَدِمَ بَغْدَادَ مِرَارًا فَرَوَى سُنَنَهُ بِهَا، وَنَقَلَهُ أَهْلُهَا عَنْهُ، وَعَرَضَهُ عَلَى أَحْمَدَ فَاسْتَجَادَهُ، وَاسْتَحْسَنَهُ، سَمِعَ أَحْمَدَ، وَيَحْيَى بْنَ مَعِينٍ، وَالْقَعْنَبِيَّ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ، وَقُتَيْبَةَ، وَخَلَائِقَ لَا يُحْصَوْنَ. وَرَوَى عَنْهُ النَّسَائِيُّ، وَغَيْرُهُ. قَالَ جَمْعٌ: أُلِينَ الْحَدِيثُ لِأَبِي دَاوُدَ كَمَا أُلِينَ الْحَدِيدُ لِدَاوُدَ. وَكَانَ يَقُولُ: كَتَبْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ انْتَخَبْتُ مِنْهَا مَا ضَمَّنْتُهُ كِتَابَ السُّنَّةِ، جَمَعْتُ فِيهِ أَرْبَعَةَ آلَافِ حَدِيثٍ وَثَمَانِمِائَةِ حَدِيثٍ، ذَكَرْتُ الصَّحِيحَ، وَمَا يُشْبِهُهُ، وَيُقَارِبُهُ، وَيَكْفِي الْإِنْسَانَ لِدِينِهِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ أَحَدُهَا: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - " «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» "، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «مِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ» "، وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: " «لَا يَكُونُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَرْضَى لِأَخِيهِ مَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ» "، وَالرَّابِعُ: " «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ، وَالْحَرَامَ بَيِّنٌ» " الْحَدِيثَ. وَمِنْ أَشْعَارِ الشَّافِعِيِّ:
عُمْدَةُ الدِّينِ عِنْدَنَا كَلِمَاتٌ ... أَرْبَعٌ قَالَهُنَّ خَيْرُ الْبَرِيَّةْ
اتَّقِ السَّيِّئَاتِ، وَازْهَدْ، وَدَعْ مَا ... لَيْسَ يَعْنِيكَ، وَاعْمَلَنَّ بِنِيَّةْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute