ابْنِ لِبَوْنٍ شَيْءٌ آخَرُ مِنَ الْجُبْرَانِ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: تَبَعًا لِلطِّيبِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ فَضِيلَةَ الْأُنُوثَةِ تُجْبَرُ بِفَضْلِ السِّنِّ (وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ آلَةُ الدِّفَاعِ، فَكَانَتْ غَنِيمَةً لِكُلِّ طَالِبٍ، ثُمَّ الضَّأْنُ وَالْمَاعِزُ سَوَاءٌ فِي الْحُكْمِ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ (فِي سَائِمَتِهَا) بَدَلٌ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ، أَوْ حَالٌ أَيْ لَا فِي مَعْلُوفَتِهَا، وَالسَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَرْعَى فِي أَكْثَرِ السَّنَةِ، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: وَالسَّائِمَةُ الَّتِي تَرْعَى وَلَا تُعْلَفُ فِي الْأَهْلِ، وَفِي الْفِقْهِ: هِيَ تِلْكَ مَعَ قَيْدِ كَوْنِ ذَلِكَ لِقَصْدِ الدَّرِّ وَالنَّسْلِ، حَوْلًا، أَوْ أَكْثَرَ، فَلَوْ أُسِيمَتْ أَيِ الْإِبِلُ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ لَمْ تَكُنِ السَّائِمَةُ الْمُسْتَلْزَمَةُ شَرْعًا لِحُكْمِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، بَلْ لَا زَكَاةَ فِيهَا، وَلَوْ أَسَامَهَا لِلتِّجَارَةِ كَانَ فِيهَا زَكَاةُ التِّجَارَةِ، لَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ. اهـ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّكَاةَ إِنَّمَا تَجِبُ فِي الْغَنَمِ إِذَا كَانَتْ سَائِمَةً، فَأَمَّا الْمَعْلُوفَةُ فَلَا زَكَاةَ فِيهَا، وَلِذَلِكَ لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي عَوَامِلِ الْبَقَرِ وَالْإِبِلِ، عِنْدَ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَإِنْ كَانَتْ سَائِمَةً، وَأَوْجَبَهَا مَالِكٌ فِي عَوَامِلِ الْبَقَرِ وَنَوَاضِحِ الْإِبِلِ. اهـ، قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فِي حَدِيثِ أَبِي دَاوُدَ الَّذِي صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ: النَّصُّ عَلَى السَّوْمِ فِي الْإِبِلِ أَيْضًا، وَفِي الْخَبَرِ الصَّحِيحِ لَيْسَ فِي الْبَقَرِ الْعَوَامِلِ صَدَقَةٌ (إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ) مُبْتَدَأٌ (فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ فَفِيهَا شَاتَانِ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثِمِائَةٍ فَفِيهِ ثَلَاثُ شِيَاهٍ فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ) أَيْ وَبَلَغَتْ أَرْبَعَمِائَةٍ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَقِيلَ إِذَا زَادَتْ وَاحِدَةٌ فَفِيهَا أَرْبَعٌ. اه، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ مَعْنَاهُ أَنْ تَزِيدَ مِائَةً أُخْرَى فَتَصِيرَ أَرْبَعَمِائَةٍ فَيَجِبُ أَرْبَعُ شِيَاهٍ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: إِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ وَاحِدَةً فَفِيهَا أَرْبَعُ شِيَاهٍ. اهـ، وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ (فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ) وَكَذَا الْمَرْأَةُ (نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً) تَمْيِيزٌ (وَاحِدَةً) بِالنَّصْبِ إِمَّا عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِوَاحِدَةٍ، أَوْ مَفْعُولُ " نَاقِصَةً "، أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ لَهَا، وَبِالرَّفْعِ عَلَى تَقْدِيرِ: وَهِيَ وَاحِدَةٌ مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا) أَيْ تَطَوُّعًا (وَلَا تُخْرَجُ) عَلَى بِنَاءِ الْمَجْهُولِ (فِي الصَّدَقَةِ) أَيِ الزَّكَاةُ (هَرِمَةٌ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، أَيِ الَّتِي أَضَرَّ بِهَا كِبَرُ السِّنِّ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: كَالْمَرِيضَةِ (وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَبِضَمٍّ أَيْ صَاحِبَةُ عَيْبٍ وَنَقْصٍ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ إِذِ الْعَيْبُ يَشْمَلُ الْمَرَضُ وَالْهَرَمَ، وَغَيْرَهَمَا، وَمَنْ فَسَّرَهُمَا بِالنَّقْصِ وَالْعَيْبِ أَرَادَ التَّأْكِيدَ ; إِذِ النَّقْصُ وَالْعَيْبُ مُتَّحِدَانِ. اهـ، وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْعَيْبَ أَعَمُّ مِنَ النَّقْصِ، مَعَ أَنَّ الْهَرَمَ لَيْسَ مَعِيبًا فِي اللُّغَةِ، وَلَوْ كَانَ مَعِيبًا فِي الشَّرْعِ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا إِذَا كَانَ كُلُّ مَالِهِ أَوْ بَعْضُهُ سَلِيمًا، فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ مَعِيبًا فَإِنَّهُ يَأْخُذُ وَاحِدًا مِنْ وَسَطِهِ (وَلَا تَيْسٌ) أَيْ فَحْلُ الْغَنَمِ، قَالَ الشُّرَّاحُ: أَيْ إِذَا كَانَتْ كُلُّ الْمَاشِيَةِ أَوْ بَعْضُهَا إِنَاثًا لَا يُؤْخَذُ الذَّكَرُ إِلَّا فِي مَوْضِعَيْنِ وَرَدَ بِهِمَا السُّنَّةُ، الْأَوَّلُ أَخْذُ التُّسْعِ مِنْ ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ وَالثَّانِي أَخْذُ ابْنِ اللَّبُونِ مِنْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ مِنَ الْإِبِلِ مَكَانَ بِنْتِ الْمَخَاضِ عِنْدَ عَدَمِهَا فَأَمَّا إِذَا كَانَ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا ذُكُورًا فَيُؤْخَذُ الذَّكَرُ وَقِيلَ: لَا يُؤْخَذُ التَّيْسُ لِأَنَّ الْمَالِكَ يَقْصِدُ مِنْهُ الْفُحُولَةَ فَيَتَضَرَّرُ بِإِخْرَاجِهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لِنَتَنِهِ وَفَسَادِ لَحْمِهِ فَهُوَ مَرْغُوبٌ عَنْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي: لِأَنَّ الْوَاجِبَ هِيَ الْأُنْثَى (إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ) بِتَخْفِيفِ الصَّادِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ، وَرَوَى أَبُو عُبَيْدٍ بِفَتْحِ الدَّالِ، وَهُوَ الْمَالِكُ، وَجُمْهُورُ الْمُحْدَثِينَ بِكَسْرِهَا، وَهُوَ الْعَامِلُ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَخْتَصُّ الِاسْتِثْنَاءُ بِقَوْلِهِ: وَلَا تَيْسٌ، إِذْ لَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يُخْرِجَ ذَاتَ عَوَرٍ فِي صَدَقَتِهِ، وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ: أَنَّ الْعَامِلَ يَأْخُذُ مَا شَاءَ مِمَّا يَرَاهُ أَصْلَحَ وَأَنْفَعَ لِلْمُسْتَحِقِّينَ، فَإِنَّهُ وَكِيلُهُمْ، وَيُحْتَمَلُ تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِمَا إِذَا كَانَتِ الْمَوَاشِي كُلُّهَا مَعِيبَةً، هَذَا كَلَامُ الشُّرَّاحِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا إِذَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا، وَالْمَعْنَى لَا يُخْرِجُ الْمُزَكِّي النَّاقِصَ وَالْمَعِيبَ، لَكِنْ يُخْرِجُ مَا شَاءَ الْمُصَدِّقِ مِنَ السَّلِيمِ وَالْكَامِلِ، وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَقِيلَ بِتَشْدِيدِهَا أَيِ الْمَالِكُ، بِأَنْ تَمَحَّضَتْ مَاشِيَتُهُ كُلُّهَا مَعِيبَةً، أَوْ ذُكُورًا، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ رَاجِعٌ لِلْكُلِّ أَيْضًا، وَعَجِيبٌ مِمَّنْ حَمَلَهُ عَلَى الْمَالِكِ وَجَعَلَهُ رَاجِعًا إِلَى التَّيْسِ فَقَطْ. اهـ، وَهُوَ غَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute