للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٩١ - وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جِنَازَةً؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: " فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

١٨٩١ - (وَعَنْهُ) أَيْ: أَبِي هُرَيْرَةَ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا» ") مَنِ اسْتِفْهَامِيَّةٌ وَأَصْبَحَ بِمَعْنَى صَارَ وَخَبَرُهُ صَائِمًا أَوْ بِمَعْنَى دَخَلَ فِي الصَّبَاحِ فَتَكُونُ تَامَّةً وَصَائِمًا حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا " يُوقَفُ عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ وَأَمَّا وَقْفُهُ بِالنُّونِ الْمَفْتُوحَةِ فَلَحْنٌ عَامِّيٌّ، قَالَ الطِّيبِيُّ: ذِكْرُ أَنَا هُنَا لِلتَّعْيِينِ فِي الْإِخْبَارِ لَا لِلِاعْتِدَادِ بِنَفْسِهِ كَمَا يُذْكَرُ فِي مَقَامِ الْمُفَاخَرَةِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي كَرِهَهُ الصُّوفِيَّةُ، وَقَدْ وَرَدَ " {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: ١١٠] "، " {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} [ص: ٨٦] " إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

وَأَمَّا رَدُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى جَابِرٍ حَيْثُ أَجَابَ بَعْدَ دَقِّ الْبَابِ بِأَنَا قَائِلًا: أَنَا، فَلِعَدَمِ التَّعْيِينِ فِي مَقَامِ الْإِخْبَارِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ أَنَا مِنْ حَيْثُ هُوَ لَيْسَ بِمَذْمُومٍ وَإِنَّمَا هُوَ يُذَمُّ بِاعْتِبَارِ إِخْبَارِهِ مِمَّا يَفْتَخِرُ بِهِ كَقَوْلِ إِبْلِيسَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: ١٢] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ أَنَا الْعَالِمُ وَأَنَا الزَّاهِدُ وَأَنَا الْعَابِدُ، بِخِلَافِ أَنَا الْفَقِيرُ الْحَقِيرُ الْعَبْدُ الْمُذْنِبُ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ " قَالَ: «فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جِنَازَةً» ؟ " أَيْ: قَبْلَ الصَّلَاةِ أَوْ بَعْدَهَا " قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: «فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا» ؟ " قَالَ " أَبُو بَكْرٍ أَنَا) فِيهِ جَوَازُ قَوْلِ أَنَا كَآيَةِ " {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٣] " وَحَدِيثِ " «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ» " فَفِيهِ رَدٌّ لِكَرَاهَةِ طَائِفَةٍ هَذَا الْقَوْلَ لَكِنَّ إِنَّمَا مَحَلُّهَا إِذَا صَدَرَ عَنْ إِثْبَاتِ النَّفْسِ وَرُعُونَتِهَا وَتَوَهُّمِ كَمَالِ ذَاتِهَا وَحَقِيقَتِهَا كَمَا صَدَرَ عَنْ إِبْلِيسَ حَيْثُ قَالَ: {أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ} [الأعراف: ١٢] .

وَأَمَّا «حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ أَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي فَدَقَقْتُ الْبَابَ، فَقَالَ: " مَنْ ذَا؟ " فَقُلْتُ: أَنَا، فَقَالَ: " أَنَا أَنَا " كَأَنَّهُ كَرِهَهَا» ، فَسَبَبُ كَرَاهَتِهِ لَهَا الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ الْمُؤَدِّي إِلَى عَدَمِ تَعْرِيفِهِ نَفْسَهُ، ثُمَّ لَوْ عَرَفَهُ بِصَوْتِهِ لَمَا اسْتَفْهَمَهُ فَسَقَطَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>