للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا نُفَطِّرُ بِهِ الصَّائِمَ " بِالتَّكَلُّمِ بِالْفِعْلَيْنِ، وَفَى نُسْخَةٍ بِالْغَيْبَةِ فِيهِمَا أَيْ لَا يَجِدُ كُلُّنَا مَا يُشْبِعُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي يَجِدُ ذَلِكَ بَعْضُنَا فَمَا حُكْمُ مَنْ لَا يَجِدُ ذَلِكَ؟ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ ") أَيْ مِنْ جِنْسِ هَذَا الثَّوَابِ أَوْ هَذَا الثَّوَابَ كَامِلًا عِنْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْإِشْبَاعِ " «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى مَذْقَةِ لَبَنٍ» " بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ شَرْبَةِ لَبَنٍ يُخْلَطُ بِالْمَاءِ " أَوْ تَمْرَةٍ " وَفِي تَقْدِيمِ الْمَذْقَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّمْرَةِ إِمَّا لِفَضِيلَةِ اللَّبَنِ أَوْ لِلْجَمْعِ بَيْنَ النِّعْمَتَيْنِ " أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ مَاءٍ " وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ، وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: وَكُلُّكُمْ يَقْدِرُ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ بِإِطْلَاقِهِ " «وَمَنْ أَشْبَعَ صَائِمًا سَقَاهُ اللَّهُ» " وَلَعَلَّ الِاكْتِفَاءَ بِالْإِشْبَاعِ فِي الشَّرْطِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ أَوْ لِكَوْنِهِ أَصْلًا فِي الدُّنْيَا، وَبِالْإِسْقَاءِ فِي الْجَزَاءِ لِكَوْنِ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ أَكْثَرَ، بَلْ لَا احْتِيَاجَ إِلَّا إِلَيْهِ فِي الْعُقْبَى " مِنْ حَوْضِي " أَيِ الْكَوْثَرِ فِي الْقِيَامَةِ " شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ " أَيْ بَعْدَهَا " حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ " أَيْ إِلَى أَنْ يَدْخُلَهَا، وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنْ لَا ظَمَأَ فِي الْجَنَّةِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا} [طه: ١١٩] فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا يَظْمَأُ أَبَدًا " وَهُوَ " أَيْ رَمَضَانُ " شَهْرٌ أَوَّلَهُ رَحْمَةٌ " أَيْ وَقْتُ رَحْمَةٍ نَازِلَةٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَامَّةٍ، وَلَوْلَا حُصُولُ رَحْمَتِهِ مَا صَامَ وَلَا قَامَ أَحَدٌ مِنْ خَلِيقَتِهِ، لَوْلَا اللَّهُ مَا اهْتَدَيْنَا وَلَا تَصَدَّقْنَا وَلَا صَلَّيْنَا، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ " وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ " أَيْ زَمَانُ مَغْفِرَتِهِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى رَحْمَتِهِ، فَإِنَّ الْأَجِيرَ قَدْ يَتَعَجَّلُ بَعْضَ أَجْرِهِ قُرْبَ فَرَاغِهِ مِنْهُ " وَآخِرُهُ " وَهُوَ وَقْتُ الْأَجْرِ الْكَامِلِ " عِتْقٌ " أَيْ لِرِقَابِهِمْ " مِنَ النَّارِ " وَالْكُلُّ بِفَضْلِ الْجَبَّارِ وَتَوْفِيقِ الْغَفَّارِ لِلْمُؤْمِنِينَ الْأَبْرَارِ لِلْأَعْمَالِ الْمُوجِبَةِ لِلرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَةِ وَالْعِتْقِ مِنَ النَّارِ " وَمَنْ خَفَّفَ " أَيْ فِي الْخِدْمَةِ " عَنْ مَمْلُوكِهِ فِيهِ " أَيْ فِي رَمَضَانَ رَحْمَةً عَلَيْهِ وَإِعَانَةً لَهُ بِتَيْسِيرِ الصِّيَامِ إِلَيْهِ " غَفَرَ اللَّهُ لَهُ " أَيْ لِمَا فَعَلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْأَوْزَارِ " وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ " جَزَاءً لِإِعْتَاقِهِ الْمَمْلُوكَ مِنْ شِدَّةِ الْعَمَلِ، قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَقَالَ: إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ، وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِهِ الْبَيْهَقِيُّ، وَرَوَاهُ أَبُو الشَّيْخِ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثَّوَابِ بِاقْتِصَارٍ عَنْهُمَا، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي الشَّيْخِ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ كَسْبٍ حَلَالٍ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ لَيَالِيَ رَمَضَانَ كُلَّهَا، وَصَافَحَهُ جِبْرِيلُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَمَنْ صَافَحَهُ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَرِقُّ قَلْبُهُ وَتَكْثُرُ دُمُوعُهُ "، قَالَ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ؟ قَالَ: " فَقَبْضَةٌ مِنْ طَعَامٍ "، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ لُقْمَةُ خُبْزٍ؟ قَالَ: " فَمَذْقَةُ لَبَنٍ "، قُلْتُ: أَفَرَأَيْتَ إِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ؟ قَالَ: " فَشَرْبَةٌ مِنْ مَاءٍ» "، قَالَ الْمُنْذِرِيُّ: وَفِي أَسَانِيدِهِمْ عَلِيُّ بْنُ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ أَيْضًا بِاخْتِصَارٍ عَنْهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي إِسْنَادِهِ كَثِيرُ بْنُ زَيْدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>