٢٠٧٨ - عَنْ أُمِّ هَانِئٍ قَالَتْ: «لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ فَتْحِ مَكَّةَ جَاءَتْ فَاطِمَةُ فَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ فَنَاوَلَتْهُ فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ أُمَّ هَانِئٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ أَفْطَرْتُ وَكُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ لَهَا: (أَكُنْتِ تَقْضِينَ شَيْئًا؟) قَالَتْ: لَا. قَالَ: (فَلَا يَضُرُّكِ إِنْ كَانَ تَطَوُّعًا» ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالدَّارِمِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ ; وَالتِّرْمِذِيِّ نَحْوُهُ. وَفِيهِ: «فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَا إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً، فَقَالَ: (الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ، إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» ) .
ــ
٢٠٧٨ - (عَنْ أُمِّ هَانِئٍ) : بِهَمْزٍ بَعْدَ نُونٍ مَكْسُورَةٍ بِنْتِ أَبِي طَالِبٍ (قَالَتْ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ) أَيِ الْفَتْحِ الْأَعْظَمِ (فَتْحِ مَكَّةَ) : بِالْجَرِّ بَدَلٌ أَوْ بَيَانٌ (جَاءَتْ فَاطِمَةُ) : أَيْ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، (فَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) : وَلَعَلَّ اخْتِيَارَ الْيَسَارِ كَانَ بِإِشَارَةٍ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، أَوْ إِيمَاءً إِلَى قَصْدِ تَوَجُّهِ قَلْبِهِ وَخَاطِرِهِ إِلَيْهَا بِحُسْنِ الْمُقَابَلَةِ وَالِالْتِئَامِ، وَإِمَّا تَوَاضُعًا مِنْهَا مَعَ بِنْتِ عَمِّهَا، وَأُخْتِ زَوْجِهَا، وَعَمَّةِ أَوْلَادِهَا، مَعَ إِمْكَانِ أَنَّهَا كَانَتْ أَكْبَرَ مِنْهَا، وَإِمَّا لِشَغْلِ الْيَمِينِ أَوَّلًا بِهَا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهَا: (وَأُمُّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ) : فَإِنَّ الْجُمْلَةَ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ جَلَسَتْ. قَالَ الطِّيبِيُّ: إِمَّا حَالٌ أَيْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ وَجَلَسَتْ عَلَى يَسَارِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ أُمَّ هَانِئٍ عَنْ يَمِينِهِ، وَإِمَّا عَطْفًا عَلَى تَقْدِيرِ: وَجَاءَتْ أُمُّ هَانِئٍ، فَجَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ الْكَلَامُ عَلَى خِلَافِ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ: وَأَنَا جَالِسَةٌ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ جَلَسَتْ عَنْ يَمِينِهِ، فَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى التَّجْرِيدِ كَأَنَّهَا تَحْكِي عَنْ نَفْسِهَا بِذَلِكَ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِيَ وَضَعَ كَلَامَهُ مَكَانَ كَلَامِهَا اهـ. يَعْنِي بِهِ أَنَّهُ نَقَلَ بِالْمَعْنَى. (فَجَاءَتِ الْوَلِيدَةُ) : أَيِ: الْأَمَةُ (بِإِنَاءٍ فِيهِ شَرَابٌ) : أَيْ: مِنْ مَاءٍ، فَإِنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (فَنَاوَلَتْهُ) : أَيِ الْجَارِيَةُ، وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَالْمَفْعُولُ الثَّانِي مُقَدَّرٌ وَهُوَ الْإِنَاءُ (فَشَرِبَ مِنْهُ، ثُمَّ نَاوَلَهُ) : أَيِ الْإِنَاءَ. وَفِي الْمَصَابِيحِ: ثُمَّ نَاوَلَهَا أَيْ: بَقِيَّةَ الْمَشْرُوبِ (أُمَّ هَانِئٍ) : إِمَّا لِكَوْنِهَا عَنِ الْيَمِينِ، أَوْ لِسَبْقِهَا بِالْإِيمَانِ، أَوْ لِكِبَرِ سِنِّهَا أَوْ لِأَنَّهَا كَالْأَجْنَبِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أُمِّ أَهْلِ الْبَيْتِ - رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - (فَشَرِبَتْ مِنْهُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! لَقَدْ أَفْطَرْتُ) : يَحْتَمِلُ الْمُضِيَّ وَالْحَالَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا سَيَأْتِي (وَكُنْتُ صَائِمَةً) : أَيْ: فَمَا الْحُكْمُ؟ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَإِنَّمَا لَمْ تَذْكُرْ هَذَا قَبْلَ تَنَاوُلِهَا إِيثَارًا لِمَا آثَرَهَا بِهِ مِنَ التَّقَدُّمِ عَلَى بِنْتِهِ سَيِّدَةِ النِّسَاءِ، وَذَلِكَ عِنْدَهَا أَشْرَفُ وَأَعْلَى مِنَ الصَّوْمِ اهـ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute