٢١٠٦ - وَعَنْهَا قَالَتْ: «السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَشْهَدُ جِنَازَةً وَلَا يَمَسُّ الْمَرْأَةَ وَلَا يُبَاشِرُهَا وَلَا يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ، وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ» ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٢١٠٦ - (وَعَنْهَا) ، أَيْ عَنْ عَائِشَةَ (قَالَتِ: السُّنَّةُ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: أَيِ الدِّينُ وَالشَّرْعُ اهـ وَالْأَظْهَرُ، أَيِ الطَّرِيقَةُ اللَّازِمَةُ (عَلَى الْمُعْتَكِفِ) وَلَفْظُ الشُّمُنِّيِّ: مَضَتِ السُّنَّةُ عَلَى الْمُعْتَكِفِ، أَيِ اعْتِكَافًا مَنْذُورًا مُتَتَابِعًا (أَنْ لَا يَعُودَ مَرِيضًا) ، أَيْ بِالْقَصْدِ وَالْوُقُوفِ (وَلَا يَشْهَدَ جِنَازَةً) ، أَيْ خَارِجَ مَسْجِدِهِ مُطْلَقًا (وَلَا يَمَسَّ الْمَرْأَةَ) ، أَيْ جِنْسَهَا بِشَهْوَةٍ (وَلَا يُبَاشِرَهَا) ، أَيْ لَا يُجَامِعُهَا وَلَوْ حُكْمًا، قَالَ الطِّيبِيُّ: الْمُرَادُ بِاللَّمْسِ الْمُجَامَعَةُ وَهِيَ مُبْطِلَةٌ لِلِاعْتِكَافِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ قِيلَ: تُبْطِلُ، وَقِيلَ: لَا تُبْطِلُ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَقِيلَ: إِنْ أَنْزَلَ يَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا اهـ وَمَذْهَبُنَا التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ (وَلَا يَخْرُجُ لِحَاجَةٍ) ، أَيْ دُنْيَوِيَّةٍ وَأُخْرَوِيَّةٍ (إِلَّا لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) ، أَيْ إِلَّا لِحَاجَةٍ لَا فِرَاقَ فِيهَا وَلَا مَحِيصَ مِنَ الْخُرُوجِ لَهَا، وَهُوَ الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ، إِذْ لَا يُتَصَوَّرُ فِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ، وَلِذَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ أَوْ لِأَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ الْأَمْرِ وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَضَاءِ الْحَاجَةِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنَ الِاسْتِنْجَاءِ وَالطَّهَارَةِ (وَلَا اعْتِكَافَ) قِيلَ: أَيْ لَا اعْتِكَافَ كَامِلًا أَوْ فَاضِلًا، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَعِنْدَنَا، أَيْ لَا اعْتِكَافَ صَحِيحٌ (إِلَّا بِصَوْمٍ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ اهـ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَحَادِيثُ ذَكَرَهَا ابْنُ الْهُمَامِ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصَوْمٍ» " وَمِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا: الْمُعْتَكِفُ يَصُومُ» ، وَفِي مُوَطَّأِ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَنَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ قَالَا: لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِالصَّوْمِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى - {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: ١٨٧] فَذَكَرَ اللَّهُ - تَعَالَى - الِاعْتِكَافَ مَعَ الصِّيَامِ، قَالَ يَحْيَى: قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا أَنَّهُ لَا اعْتِكَافَ إِلَّا بِصِيَامٍ، قَالَ الشُّمُنِّيُّ: وَأَيْضًا لَمْ يَرِدْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ بِلَا صَوْمٍ، فَإِنْ قِيلَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأُوَلَ مِنْ شَوَّالٍ أُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَائِمًا أَوْ مُفْطِرًا اهـ وَالْعَشْرُ يُطْلَقُ عَلَى التِّسْعِ، كَمَا يُقَالُ: صَامَ عَشْرَ ذِي الْحِجَّةِ وَعَشْرَ الْأَخِيرَ مِنْ رَمَضَانَ، وَقَدْ يَكُونُ الشَّهْرُ نَاقِصًا فَلَا دَلَالَةَ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْعِيدِ مِنْ جُمْلَةِ الْعَشْرِ، وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ ( «وَلَا اعْتِكَافَ إِلَّا فِي مَسْجِدٍ جَامِعٍ» )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute