(بَابٌ)
(الْفَصْلُ الْأَوَّلُ)
٢٢١١ - عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: «سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَأَنِيهَا، فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ، ثُمَّ لَبَّبْتُهُ بِرِدَائِهِ، فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرْسِلْهُ: اقْرَأْ، فَقَرَأَ الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ يَقْرَأُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هَكَذَا أُنْزِلَتْ، ثُمَّ قَالَ لِي: اقْرَأْ، فَقَرَأْتُ، فَقَالَ: هَكَذَا أُنْزِلَتْ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ أُنْزِلَ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ اللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
ــ
بِالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ، أَيْ فِي تَوَابِعَ أُخْرَى.
٢٢١١ - (عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: سَمِعْتُ هِشَامَ بْنَ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ قَبْلَ الزَّايِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ قُرَشِيٌّ وَهُوَ ابْنُ أَخِي خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، وَكَانَ مِنْ أَشْرَافِ قُرَيْشٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ إِلَى عَامِ الْفَتْحِ، وَأَوْلَادُهُ صَحِبُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَؤُهَا) : أَيْ مِنَ الْقِرَاءَةِ (وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقْرَأَنِيهَا) : أَيْ سُورَةُ الْفُرْقَانِ (فَكِدْتُ أَنْ أَعْجَلَ عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالْجِيمِ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: قَارَبْتُ أَنْ أُخَاصِمَهُ وَأُظْهِرَ بَوَادِرَ غَضَبِي عَلَيْهِ بِالْعَجَلَةِ فِي أَثْنَاءِ الْقِرَاءَةِ (ثُمَّ أَمْهَلْتُهُ حَتَّى انْصَرَفَ) : أَيْ عَنِ الْقِرَاءَةِ (ثُمَّ لَبَّبْتُهُ) بِالتَّشْدِيدِ (بِرِدَائِهِ) : أَيْ جَعَلْتُهُ فِي عُنُقِهِ وَجَرَرْتُهُ قَالَ الطِّيبِيُّ: لَبَّبْتُ الرَّجُلَ تَلْبِيبًا إِذَا جَمَعْتُ ثِيَابَهُ عِنْدَ صَدْرِهِ فِي الْخُصُومَةِ ثُمَّ جَرَرْتُهُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى اعْتِنَائِهِمْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى لَفْظِهِ كَمَا سَمِعُوهُ بِلَا عُدُولٍ إِلَى مَا تُجَوِّزُهُ الْعَرَبِيَّةُ (فَجِئْتُ بِهِ رَسُولَ اللَّهِ) ، أَيْ إِلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي سَمِعْتُ هَذَا يَقْرَأُ سُورَةَ الْفُرْقَانِ عَلَى غَيْرِ مَا أَقْرَأْتَنِيهَا) قِيلَ: نَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى لُغَةِ قُرَيْشٍ فَلَمَّا عَسُرَ عَلَى غَيْرِهِمْ أُذِنَ فِي الْقِرَاءَةِ بِسَبْعِ لُغَاتٍ لِلْقَبَائِلِ الْمَشْهُورَةِ كَمَا ذُكِرَ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ، وَذَلِكَ لَا يُنَافَى زِيَادَةَ الْقِرَآتِ عَلَى سَبْعٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي لُغَةِ كُلِّ قَبِيلَةٍ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا، وَلِلتَّمَكُّنِ بَيْنَ الِاخْتِلَافِ فِي اللُّغَاتِ، وَقِيلَ جَمِيعُ الْقِرَآتِ الْمَوْجُودَةِ حَرْفٌ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ وَسِتَّةٌ مِنْهَا قَدْ رُفِضَتْ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا الْقِيلَ هُوَ الْقَوْلُ وَالْمُرَادُ بِالْحَرْفِ الْوَاحِدِ نَوْعٌ مُلَمَّعٌ مُجَمَّعٌ مِنْ تِلْكَ الْحُرُوفِ مُخْتَارٌ مِمَّا بَيْنَهَا مَنْسُوخٌ مَا عَدَاهَا وَهُوَ الَّذِي جُمِعَ فِي مُصْحَفِ عُثْمَانَ وَالْأَوَّلُ يُوَافِقُ جَمْعَ أَبَى بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرْسِلْهُ) : أَيْ يَا عُمَرُ، وَإِنَّمَا سُومِحَ فِي فِعْلِهِ لِأَنَّهُ مَا فَعَلَ لُحْظَةَ نَفْسِهِ; بَلْ غَضَبًا لِلَّهِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ. وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ إِنَّ عُمَرَ كَانَ بِالنِّسْبَةِ لِهِشَامٍ كَالْمُعَلِّمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُتَعَلِّمِ فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعَلِّمِ ابْتِدَاءٌ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ هَذَا الْفِعْلِ مَعَ الْمُتَعَلِّمِ (اقْرَأْ) : أَيْ يَا هِشَامُ (فَقَرَأَ) : أَيْ هِشَامٌ (الْقِرَاءَةَ الَّتِي سَمِعْتُهُ) : أَيْ سَمِعْتُ هِشَامًا إِيَّاهَا عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي (يَقْرَأُ) : أَيْ يَقْرَؤُهَا (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هَكَذَا أُنْزِلَتْ) : أَيِ السُّورَةُ أَوِ الْقِرَاءَةُ (ثُمَّ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute