للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٢٢٢٢ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «قُلْتُ لِعُثْمَانَ: مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةٍ وَهِيَ مِنَ الْمَئِينِ، فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ وَهُوَ يَنْزِلُ علَيْهِ السُّورُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ دَعَا بَعْضَ مَنْ يَكْتُبُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، فَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ، فَيَقُولُ: ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا، وَكَانَتِ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا وَلِمَ أَكْتُبْ سَطْرَ " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " وَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ.

ــ

٢٢٢٢ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلْتُ لِعُثْمَانَ: مَا حَمَلَكُمْ) أَيْ: مَا الْبَاعِثُ وَالسَّبَبُ لَكُمْ (عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، أَيْ: قَصَدْتُمْ (إِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ مِنَ الْمَثَانِي) أَيْ: مِنَ السَّبْعِ الْمَثَانِي، وَهِيَ السَّبْعُ الطُّوَلُ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ الْمَثَانِي مِنَ الْقُرْآنِ مَا كَانَ أَقَلَّ مِنَ الْمَئِينَ، وَيُسَمَّى جَمِيعُ الْقُرْآنِ مَثَانِيَ ; لِاقْتِرَانِ آيَةِ الرَّحْمَةِ بِآيَةِ الْعَذَابِ، وَتُسَمَّى الْفَاتِحَةُ مَثَانِيَ أَيْ: لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي الصَّلَاةِ، أَوْ ثُنِّيَتْ فِي النُّزُولِ (وَإِلَى بَرَاءَةَ) أَيْ: سُورَتِهِمَا (وَهِيَ) لِكَوْنِهَا مِائَةً وَثَلَاثِينَ آيَةً (مِنَ الْمَئِينَ) جَمْعُ الْمِائَةِ، وَأَصْلُ الْمِائَةِ: مَائِيٌّ كَمَعِيٍّ، وَالْهَاءُ عِوَضٌ عَنِ الْوَاوِ، وَإِذَا جَمَعْتَ الْمِائَةَ قُلْتَ: مِئُونَ، وَلَوْ قُلْتَ مِئَاتٍ جَازَ (فَقَرَنْتُمْ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا سَطْرَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ (مَا حَمَلَكُمْ عَلَى ذَلِكَ؟) وَفَى نُسْخَةٍ عَلَى ذَلِكُمْ، وَهُوَ تَكْرِيرٌ لِلتَّأْكِيدِ، وَتَوْجِيهُ السُّؤَالِ: إِنَّ الْأَنْفَالَ لَيْسَ مِنَ السَّبْعِ الطُّوَلِ لِقَصَرِهَا عَنِ الْمَئِينَ؛ لِأَنَّهَا سَبْعٌ وَسَبْعُونَ آيَةً، وَلَيْسَتْ غَيْرَهَا لِعَدَمِ الْفَصْلِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ بَرَاءَةَ (قَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ) أَيِ: الزَّمَانُ الطَّوِيلُ وَلَا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَرُبَّمَا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ (وَهُوَ) أَيِ: النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْوَاوُ لِلْحَالِ (تَنْزِلُ) بِالتَّأْنِيثِ مَعْلُومًا، وَبِالتَّذْكِيرِ مَجْهُولًا (عَلَيْهِ السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ، وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ) أَيْ: مِنَ الْقَصَصِ (دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ) أَيِ: الْوَحْيَ، كَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَمُعَاوِيَةَ، وَغَيْرِهِمَا (فَيَقُولُ: ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا) كَقِصَّةِ هُودٍ، وَحِكَايَةِ يُونُسَ (فَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ: صُفُّوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا) كَالطَّلَاقِ وَالْحَجِّ، وَهَذَا زِيَادَةُ جَوَابٍ تَبَرَّعَ بِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ تَرْتِيبَ الْآيَاتِ تَوْقِيفِيٌّ، وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، وَالنُّصُوصُ الْمُتَرَادِفَةُ، وَأَمَّا تَرْتِيبُ السُّوَرِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ كَمَا فِي الْإِتْقَانِ (وَكَانَ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا نَزَلَتْ) وَفَى نُسْخَةٍ نَزَلَ (بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ بَرَاءَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا) أَيْ: فَهِيَ مَدَنِيَّةٌ أَيْضًا وَبَيْنَهُمَا النِّسْبَةُ التَّرْتِيبِيَّةُ بِالْأَوَّلِيَّةِ وَالْآخِرِيَّةِ، فَهَذَا أَحَدُ وُجُوهِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَيُؤَيِّدُهُ مَا وَقَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>