للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهِيَ صَادِقَةٌ عَلَى الْوُجُوهِ الْمُحْتَمَلَةِ مِنْ غَيْرِ إِرَادَةِ الْمَجَازِ مَعَ أَنَّ ذِكْرَ الْأَنَامِلِ وَإِرَادَةَ الْيَدِ بَعِيدٌ جِدًّا عَنِ الْمَقْصُودِ فَتَأَمَّلْ (قَالَ) وَفِي نُسْخَةٍ فَقَالَ أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فَتِلْكَ) أَيِ: الْعَشَرَاتُ الثَّلَاثُ دُبُرَ كُلِّ صَلَاةٍ مِنَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (خَمْسُونَ وَمِائَةٌ) أَيْ: فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ ثَلَاثِينَ فِي خَمْسَةٍ أَيْ: مِائَةٌ وَخَمْسُونَ حَسَنَةً (بِاللِّسَانِ) أَيْ: بِمُقْتَضَى نُطْقِهِ فِي الْعَدَدِ (وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ) لِأَنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا عَلَى أَقَلِّ مَرَاتِبِ الْمُضَاعَفَةِ الْمَوْعُودِ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ) بَيَانٌ لِلْخَلَّةِ الثَّانِيَةِ: وَإِذَا لِلظَّرْفِيَّةِ الْمُجَرَّدَةِ أَيْ: وَحِينَ يَأْخُذُ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ مَرْقَدَهُ (يُسَبِّحُهُ) أَيْ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ (وَيُكَبِّرُهُ) أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ (وَيَحْمَدُهُ) أَيْ: ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ. فَقَوْلُهُ (مِائَةٌ) عَدَدُ الْمَجْمُوعِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ تَوَسُّطِ التَّكْبِيرِ بَيْنَ التَّسْبِيحِ وَالتَّحْمِيدِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَجْعَلَ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَالتَّحْمِيدَ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ تَكْمِلَةً لِلْمِائَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، (فَتِلْكَ) أَيِ: الْمِائَةُ مِنْ أَنْوَاعِ الذِّكْرِ (مِائَةٌ) أَيْ: مِائَةُ حَسَنَةٍ (بِاللِّسَانِ) وَفِي نُسْخَةٍ فِي اللِّسَانِ (وَأَلْفٌ) أَيْ: أَلْفُ حَسَنَةٍ عَلَى جِهَةِ الْمُضَاعَفَةِ (فِي الْمِيزَانِ فَأَيُّكُمْ يَعْمَلُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَلْفَيْنِ وَخَمْسَمِائَةِ سَيِّئَةٍ؟ !) الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، وَفِي الِاسْتِفْهَامِ نَوْعُ إِنْكَارٍ يَعْنِي إِذَا حَافَظَ عَلَى الْخَصْلَتَيْنِ وَحَصَلَ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةِ حَسَنَةٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَيُعْفَى عَنْهُ بِعَدَدِ كُلِّ حَسَنَةٍ سَيِّئَةٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: ١١٤] فَأَيُّكُمْ يَأْتِي بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا مِنَ السَّيِّئَاتِ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ حَتَّى لَا يَصِيرَ مَعْفُوًّا عَنْهُ؟ ! فَمَا لَكُمْ لَا تَأْتُونَ بِهِمَا وَلَا تُحْصُونَهُمَا؟ ! (قَالُوا: وَكَيْفَ لَا نُحْصِيهَا؟ !) أَيِ: الْمَذْكُورَاتِ، وَفِي نُسْخَةٍ لَا نُحْصِيهِمَا أَيِ: الْخَصْلَتَيْنِ، قَالَ الطِّيبِيُّ: أَيْ كَيْفَ لَا نُحْصِي الْمَذْكُورَاتِ فِي الْخَصْلَتَيْنِ وَأَيُّ شَيْءٍ يَصْرِفُنَا، فَهُوَ اسْتِبْعَادٌ لِإِهْمَالِهِمْ فِي الْإِحْصَاءِ فَرَدَّ اسْتِبْعَادَهُمْ بِأَنَّ الشَّيْطَانَ يُوَسْوِسُ لَهُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَغْفُلَ عَنِ الذِّكْرِ عَقِيبَهَا وَيُنَوِّمُهُ عِنْدَ الِاضْطِجَاعِ كَذَلِكَ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ، (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (يَأْتِي أَحَدَكُمْ) مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (الشَّيْطَانُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ فَيَقُولُ) أَيْ: يُوَسْوِسُ لَهُ وَيُلْقِي فِي خَاطِرِهِ (اذْكُرْ كَذَا اذْكُرْ كَذَا) مِنَ الْأَشْغَالِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَالْأَحْوَالِ النَّفْسِيَّةِ الشَّهَوِيَّةِ، أَوْ مَا لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالصَّلَاةِ وَلَوْ مِنَ الْأُمُورِ الْأُخْرَوِيَّةِ (حَتَّى يَنْفَتِلَ) أَيْ: يَنْصَرِفَ عَنِ الصَّلَاةِ (فَلَعَلَّهُ) أَيْ: فَعَسَى (أَنْ لَا يَفْعَلَ) أَيِ: الْإِحْصَاءَ، قِيلَ: الْفَاءُ فِي فَلَعَلَّهُ جَزَاءُ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ يَعْنِي إِذَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَفْعَلُ كَذَا فَعَسَى الرَّجُلُ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَإِدْخَالُ أَنْ فِي خَبَرِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لَعَلَّ هُنَا بِمَعْنَى عَسَى وَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ يَغْلِبُهُ الشَّيْطَانُ عَنِ الْحُضُورِ الْمَطْلُوبِ الْمُؤَكَّدِ فِي صَلَاتِهِ، فَكَيْفَ لَا يَغْلِبُهُ وَلَا يَمْنَعُهُ عَنِ الْأَذْكَارِ الْمَعْدُودَةِ مِنَ السُّنَنِ فِي حَالِ انْصِرَافِهِ عَنْ طَاعَتِهِ؟ (وَيَأْتِيهِ) أَيِ: الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ (مَضْجَعَهُ فَلَا يَزَالُ يُنَوِّمُهُ) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ أَيْ: يُلْقِي عَلَيْهِ النَّوْمَ (حَتَّى يَنَامَ) أَيْ: بِدُونِ الذِّكْرِ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: خَصْلَتَانِ أَوْ خَلَّتَانِ) أَيْ: عَلَى الشَّكِّ (لَا يُحَافِظُ عَلَيْهِمَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ) أَيْ: بَدَلَ لَا يُحْصِيهِمَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ (وَكَذَا فِي رِوَايَتِهِ) أَيْ: رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ. (بَعْدَ قَوْلِهِ وَأَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ فِي الْمِيزَانِ، قَالَ: وَيُكَبِّرُ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ وَيَحْمَدُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ وَيُسَبِّحُ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَفِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمَصَابِيحِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) أَيْ: بِدُونِ الْوَاوِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>