٢٤٠٧ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: (اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، فَلَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ) » . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٢٤٠٧ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَنَّامٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَهُوَ الْبَيَاضِيُّ (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ مَا أَصْبَحَ بِي) أَيْ: حَصَلَ لِي فِي الصَّبَاحِ (مِنْ نِعْمَةٍ) أَيْ: دُنْيَوِيَّةٍ أَوْ أُخْرَوِيَّةٍ، ظَاهِرَةٍ أَوْ بَاطِنَةٍ (أَوْ بِأَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَالْمُرَادُ التَّعْمِيمُ (فَمِنْكَ وَحْدَكَ) حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُتَّصِلِ فِي قَوْلِهِ فَمِنْكَ أَيْ: فَحَاصِلٌ مِنْكَ مُنْفَرِدًا لَا شَرِيكَ لَكَ) قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل: ٥٣] وَمِنْ شَرْطِ الْجَزَاءِ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِلشَّرْطِ، وَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا فِي الْآيَةِ إِلَّا بِتَقْدِيرِ الْإِخْبَارِ وَالتَّنْبِيهِ عَلَى الْخَطَأِ وَهُوَ أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَقُومُونَ بِشُكْرِ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى بَلْ يَكْفُرُونَهَا بِالْمَعَاصِي فَقِيلَ لَهُمْ: إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِأَنَّ مَا الْتَبَسَ بِكُمْ مِنْ نِعَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَأَنْتُمْ لَا تَشْكُرُونَهَا سَبَبٌ لِأَنْ أُخْبِرَكُمْ بِأَنَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى حَتَّى تَقُومُوا بِشُكْرِهَا، وَالْحَدِيثُ بِعَكْسِ الْآيَةِ أَيْ: إِنِّي أُقِرُّ وَأَعْتَرِفُ بِأَنَّ كُلَّ النِّعَمِ الْحَاصِلَةِ الْوَاصِلَةِ مِنِ ابْتِدَاءِ الْحَيَاةِ إِلَى انْتِهَاءِ دُخُولِ الْجَنَّةِ فَمِنْكَ وَحْدَكَ فَأَوْزِعْنِي أَنْ أَقُومَ بِشُكْرِهَا وَلَا أَشْكُرَ غَيْرَكَ فِيهَا اهـ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ حَجَرٍ عَلَى عَادَتِهِ مِنْ غَيْرِ فَهْمِ عِبَارَتِهِ (فَلَكَ الْحَمْدُ) أَيِ: الثَّنَاءُ الْجَمِيلُ (وَلَكَ الشُّكْرُ) أَيْ: عَلَى الْإِنْعَامِ الْجَزِيلِ، قِيلَ: هَذَا تَقْرِيرٌ لِلْمَطْلُوبِ وَلِذَلِكَ قُدِّمَ الْخَبَرُ عَلَى الْمُبْتَدَأِ الْمُفِيدِ لِلْحَصْرِ، يَعْنِي: إِذَا كَانَتِ النِّعْمَةُ مُخْتَصَّةً بِكَ فَهَا أَنَا أَنْقَادُ إِلَيْكَ، وَأَخُصُّ الْحَمْدَ وَالشُّكْرَ لَكَ قَائِلًا: لَكَ الْحَمْدُ لَا لِغَيْرِكَ وَلَكَ الشُّكْرُ لَا لِأَحَدٍ سِوَاكَ ( «فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ، وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذَلِكَ حِينَ يُمْسِي» ) لَكِنْ يَقُولُ أَمْسَى بَدَلَ أَصْبَحَ (فَقَدْ أَدَّى شُكْرَ لَيْلَتِهِ) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الشُّكْرَ هُوَ الِاعْتِرَافُ بِالْمُنْعِمِ الْحَقِيقِيِّ، وَرُؤْيَةُ كُلِّ النِّعَمِ دَقِيقِهَا وَجَلِيلِهَا مِنْهُ، وَكَمَالُهُ أَنْ يَقُومَ بِحَقِّ النِّعَمِ وَيَصْرِفَهَا فِي مَرْضَاةِ الْمُنْعِمِ (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) وَكَذَا النَّسَائِيُّ كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ غَنَّامٍ، وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ السُّنِّيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute