٢٥٥٧ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: «تَمَتَّعَ رَسُولُ - اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ، فَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَكَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ أَهْدَى، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ: " مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى، فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ، وَلْيَحْلِلْ، ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ، وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ؛ فَطَافَ حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ، وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ أَوَّلَ شَيْءٍ، ثُمَّ خَبَّ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ، وَمَشَى أَرْبَعًا، فَرَكَعَ حِينَ قَضَى طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ، فَانْصَرَفَ، فَأَتَى الصَّفَا، فَطَافَ بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ، ثُمَّ لَمْ يَحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ» . (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
ــ
٢٥٥٧ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بَنْ عُمَرَ قَالَ: تَمَتَّعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ، فَسَاقَ مَعَهُ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ) قِيلَ: الْمُرَادُ التَّمَتُّعُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الْقِرَانُ آخِرًا، وَمَعْنَاهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوَّلًا، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، فَصَارَ قَارِنًا فِي آخِرِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ كَمَا مَرَّ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَظَاهِرُ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ أَوَّلًا، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَبَدَأَ، فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ) ، وَهَذَا الْإِدْخَالُ أَفْضَلُ مِنْ عَكْسِهِ، مَعَ أَنَّهُ وَرَدَ صَرِيحًا فِي أَحَادِيثَ أَنَّهُ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ، فَكَيْفَ يُصَارُ إِلَيْهِ، وَلَوْ ثَبَتَ لَكَانَ مُعَارَضًا، فَالَّذِي أَذِنَ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَبْتَدِئُ بِالْعُمْرَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْحَجِّ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ، وَقَدِ اعْتَمَرَ مِرَارًا بَعْدَ الْهِجْرَةِ، فَالصَّوَابُ أَنَّهُ كَانَ قَارِنًا أَوَّلًا وَمَعْنَى قَوْلِهِ (فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ) أَنَّهُ لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ النُّسُكَيْنِ قَدَّمَ ذِكْرَ الْعُمْرَةِ عَلَى الْحَجِّ؛ لِأَنَّهُ الْوَجْهُ الْمَسْنُونُ فِي الْقِرَانِ دُونَ الْعَكْسِ، ثُمَّ كَانَ أَكْثَرُ مَا يَذْكُرُ فِي إِحْرَامِهِ الْحَجَّ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ الْمَفْرُوضُ، وَالْعُمْرَةَ سُنَّةٌ تَابِعَةٌ، وَلَاشَكَّ أَنَّ حَمْلَ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ أَوْلَى مِنَ الْحَمْلِ عَلَى عِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ، (فَتَمَتَّعَ النَّاسُ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ، هَذَا التَّمَتُّعُ اللُّغَوِيُّ بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْعِبَادَتَيْنِ (مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ) أَيْ بِضَمِّهَا إِلَيْهِ (فَكَانَ مِنَ النَّاسِ) أَيِ: الَّذِينَ أَحْرَمُوا بِالْعُمْرَةِ (مَنْ أَهْدَى) أَيْ: سَاقَ الْهَدْيَ (وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُهْدِ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَكَّةَ قَالَ لِلنَّاسِ) أَيِ: الْمُعْتَمِرِينَ ( «مَنْ كَانَ مِنْكُمْ أَهْدَى فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ» ) ، وَفِي هَذَا حُجَّةٌ عَلَى الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ( «وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَهْدَى فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ» ) أَيْ: طَوَافَ الْعُمْرَةِ (وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَلْيُقَصِّرْ) أَيْ: إِبْقَاءً لِلشَّعْرِ لِتَحَلُّلِ الْحَجِّ (وَلْيَحْلِلْ) أَيْ: لِيَخْرُجَ مِنْ إِحْرَامِ الْعُمْرَةِ بِاسْتِمْتَاعِ الْمَحْظُورَاتِ (ثُمَّ لِيُهِلَّ بِالْحَجِّ) أَيْ: لِيُحْرِمَ بِهِ مِنْ أَرْضِ الْحَرَمِ (وَلْيُهْدِ) أَيْ: لِيَذْبَحِ الْهَدْيَ يَوْمَ النَّحْرِ بَعْدَ الرَّمْيِ، قَبْلَ الْحَلْقِ (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا فَلْيَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ) أَيْ: فِي أَشْهُرِهِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ، وَالْأَفْضَلُ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا يَوْمَ عَرَفَةَ (وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ) تَوْسِعَةً، وَلَوْ صَامَ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِمَكَّةَ جَازَ عِنْدَنَا.
(فَطَافَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (حِينَ قَدِمَ مَكَّةَ) أَيْ: طَوَافَ الْعُمْرَةِ (وَاسْتَلَمَ الرُّكْنَ) أَيِ: الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ (أَوَّلَ شَيْءٍ) أَيْ: مِنْ أَفْعَالِ الطَّوَافِ بَعْدَ النِّيَّةِ (ثُمَّ خَبَّ) أَيْ: رَمَلَ (ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ) أَيْ: فِي ثَلَاثَةِ أَشْوَاطٍ، قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: إِظْهَارًا لِلْجَلَادَةِ وَالرُّجُولِيَّةِ فِي نَفْسِهِ، وَفِيمَنْ مَعَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، كَيْلَا يَظُنَّ الْكُفَّارُ أَنَّهُمْ عَاجِزُونَ ضُعَفَاءُ، قُلْتُ: هَذَا كَانَ عِلَّةَ فِعْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ، ثُمَّ اسْتَمَرَّتِ السُّنَّةُ بَعْدَ زَوَالِ الْعِلَّةِ (وَمَشَى) أَيْ: بِسُكُونٍ، وَهَيْنَةٍ (أَرْبَعًا) أَيْ: فِي أَرْبَعِ مَرَّاتٍ مِنَ الْأَشْوَاطِ (فَرَكَعَ) أَيْ: صَلَّى (حِينَ قَضَى) أَيْ: أَدَّى، وَأَتَمَّ (طَوَافَهُ بِالْبَيْتِ عِنْدَ الْمَقَامِ) مُتَعَلِّقٌ بِـ " رَكَعَ " (رَكْعَتَيْنِ) أَيْ: صَلَاةَ الطَّوَافِ، وَهِيَ وَاجِبَةٌ عِنْدَنَا، سُنَّةٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ (ثُمَّ سَلَّمَ) أَيْ: مِنْ صَلَاتِهِ، أَوْ عَلَى الْحَجَرِ، بِأَنِ اسْتَلَمَهُ (فَانْصَرَفَ) أَيْ: عَنِ الْبَيْتِ، أَوْ عَنِ الْمَسْجِدِ (فَأَتَى الصَّفَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ: وَالْمَرْوَةَ (فَطَافَ) أَيْ: سَعَى (بِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ سَبْعَةَ أَطْوَافٍ) أَيْ: أَشْوَاطٍ (ثُمَّ لَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ) ، وَهُوَ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِالْحَلْقِ فِيمَا عَدَا الْجِمَاعَ (وَأَفَاضَ) أَيْ: إِلَى مَكَّةَ (فَطَافَ بِالْبَيْتِ) أَيْ: طَوَافَ الْإِفَاضَةِ (ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ) وَهُوَ التَّحَلُّلُ الثَّانِي الْمُحَلِّلُ لِلنِّسَاءِ (وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ سَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ) أَيْ: مُطْلَقًا (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute