الْفَصْلُ الثَّالِثُ
٢٥٨٦ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «مَا تَرَكْنَا اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ: الْيَمَانِي وَالْحَجَرِ فِي شِدَّةٍ وَلَا رَخَاءٍ مُذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَلِمُهُمَا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٢٥٨٦ - (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا تَرَكْنَا اسْتِلَامَ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ: الْيَمَانِي) بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ، وَتَشْدِيدِهَا مَجْرُورًا (وَالْحَجَرِ) : أَيِ: الْأَسْوَدِ (فِي شِدَّةٍ) : أَيْ: زِحَامٍ (وَلَا رَخَاءٍ) : أَيْ: خَلَاءٍ (مُذْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَلِمُهُمَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَفِي خَبَرِ الْبَيْهَقِيِّ، بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَتَى الْحَجَرَ فَقَبَّلَهُ، وَاسْتَلَمَ الْيَمَانِيَ، فَقَبَّلَ يَدَهُ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ خَبَرَ أَحْمَدَ، أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَبَّلَ الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ، وَوَضَعَ خَدَّهُ الْأَيْمَنَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إِمَّا غَيْرُ ثَابِتٍ كَمَا قَالَهُ الْبَيْهَقِيُّ، أَوْ ضَعِيفٌ، وَإِنْ صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ اهـ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ حَدِيثَ الْبَيْهَقِيِّ مَعَ ضَعْفِهِ لَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ أَحْمَدَ مَعَ تَقْوِيَتِهِ بِتَصْحِيحِ الْحَاكِمِ لِسَنَدِهِ، فَالْأَوْلَى أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى وُقُوعِهِ حَالَ نُدْرَتِهِ، ثُمَّ قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: لَا قَائِلَ بِهِ غَفْلَةً عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِنْ أَنَّهُ قَالَ: حُكْمُ الرُّكْنَيْنِ سَوَاءٌ، ثُمَّ فِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، مَا أَرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرَكَ اسْتِلَامَ الرُّكْنَيْنِ اللَّذَيْنِ يَلِيَانِ الْحَجَرَ إِلَّا أَنَّ الْبَيْتَ لَمْ يَتِمَّ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ» ، وَهُمَا الشَّامِيَّانِ، وَيُسَمَّيَانِ الْعِرَاقِيَّيْنِ وَالْغَرْبِيَّيْنِ، وَأَمَّا اسْتِلَامُ جَمْعٍ مِنْهُمُ ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَمُعَاوِيَةُ لَهُمَا، فَهُوَ مَذْهَبٌ لَهُمْ خَالَفُوا فِيهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ، وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُمَا جُمْهُورُ الصَّحَابَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ مُعَاوِيَةَ: لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا. فَأَجَابَ عَنْهُ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: بِأَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ اسْتِلَامَهُمَا هَجْرًا لِلْبَيْتِ، وَلَكِنْ يُسْتَلَمُ مَا اسْتَلَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُمْسَكُ عَمَّا أَمْسَكَ عَنْهُ، عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْخِلَافَ انْقَرَضَ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يُسْتَلَمَانِ، وَفِي هَذَا الْإِجْمَاعِ خِلَافٌ لِلْأُصُولِيِّينَ، كَذَا حَقَّقَهُ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute