للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٥٩٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «وُكِّلَ بِهِ سَبْعُونَ مَلَكًا - يَعْنِي الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ - فَمَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ - قَالُوا: آمِينَ» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٢٥٩٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ (وُكِّلَ بِهِ سَبْعُونَ مَلَكًا يَعْنِي) أَيْ: يُرِيدُ بِمَرْجِعِ الضَّمِيرِ (الرُّكْنَ الْيَمَانِيَ) : بِالتَّخْفِيفِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَالْقَائِلُ أَبُو هُرَيْرَةَ، أَوْ غَيْرُهُ بِطَرِيقِ الِاعْتِرَاضِ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ عَلَى طَرِيقِ التَّفْسِيرِ. " «فَمَنْ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ» ) : أَيْ: عَنِ الذُّنُوبِ (وَالْعَافِيَةَ) أَيْ: عَنِ الْعُيُوبِ (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ) يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لَفًّا وَنَشْرًا مُشَوَّشًا (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، قَالُوا: أَمِينَ) : وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِهِ: بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ ; لِأَنَّهُ إِذَا وَصَلَ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي، وَشَرَعَ فِي هَذَا الدُّعَاءِ وَهُوَ مَارٌّ، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ يَقَعُ بَيْنَهُمَا، إِذْ لَا يَجُوزُ الْوُقُوفُ لِلدُّعَاءِ فِي الطَّوَافِ كَمَا يَفْعَلُهُ جَهَلَةُ الْعَوَامِّ.

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْأَدْعِيَةَ الْمَأْثُورَةَ عَنِ الْعُلَمَاءِ الْأَعْلَامِ: وَاعْلَمْ أَنَّكَ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَسْتَوْفِيَ مَا أُثِرَ مِنَ الْأَدْعِيَةِ، وَالْأَذْكَارِ فِي الطَّوَافِ كَانَ وُقُوفُكَ فِي أَثْنَاءِ الطَّوَافِ أَكَثَرَ مِنْ مَشْيِكَ بِكَثِيرٍ، وَإِنَّمَا أَثَرْتَ هَذِهِ بِتَأَنٍّ، وَمُهْلَةٍ لَا رَمَلٍ، ثُمَّ وَقَعَ لِبَعْضِ السَّلَفِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْطِنِ كَذَا كَذَا، وَلِآخَرَ فِي آخَرَ كَذَا، وَلِآخَرَ فِي نَفْسِ أَحَدِهِمَا شَيْئًا آخَرَ، فَجَمَعَ الْمُتَأَخِّرُونَ الْكُلَّ، لَا أَنَّ الْكُلَّ وَقَعَ فِي الْأَصْلِ الْوَاحِدِ، بَلِ الْمَعْرُوفُ فِي الطَّوَافِ مُجَرَّدُ ذِكْرِ اللَّهِ، وَلَمْ نَعْلَمْ خَبَرًا رُوِيَ فِيهِ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي الطَّوَافِ. قُلْتُ: وَلَعَلَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَمْ يَقْرَأْ فِي الطَّوَافِ شَيْئًا: الْقُرْآنَ بِقَصْدِ الْقِرَاءَةِ لِيُعْلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِ الطَّوَافِ، فَيَكُونُ مُسْتَثْنًى أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ: " الطَّوَافُ كَالصَّلَاةِ ". (رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ) بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ، إِلَّا أَنَّهُ مَقْبُولٌ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ.

وَأَخْرَجَ الْحَاكِمُ، أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ: " «مَا انْتَهَيْتُ إِلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي قَطُّ إِلَّا وَجَدْتُ جِبْرِيلَ عِنْدَهُ، قَالَ: قُلْ يَا مُحَمَّدُ، قُلْتُ: قُلْ: وَمَا أَقُولُ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَاقَةِ، وَمَوَاقِفِ الْخِزْيِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ: " إِنَّ بَيْنَهُمَا سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ هَذَا قَالُوا: آمِينَ» ". وَفِي رِوَايَةٍ: " سَبْعُونَ " بِالْوَاوِ، وَعَلَى الْإِهْمَالِ لُغَةٌ فِي الْأَعْمَالِ، أَوْ عَلَى أَنَّ فِي (أَنَّ) ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَلَيْسَ نَظِيرُهُ: " «إِنْ كَانَ فِي أُمَّتِي مُلْهَمُونَ» " كَمَا تَوَهَّمَ ابْنُ حَجَرٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا مَكَانَ كَوْنِ كَانَ تَامَّةً أَيْ: إِنْ وُجِدَ فِي أُمَّتِي مُلْهَمُونَ.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ: " «مَا مَرَرْتُ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِي إِلَّا وَعِنْدَهُ مَلَكٌ يُنَادِي يَقُولُ: آمِينَ آمِينَ؟ فَإِذَا مَرَرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: " اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ» ".

وَأَخْرَجَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: " «عَلَى الرُّكْنِ الْيَمَانِي مَلَكٌ مُوَكَّلٌ بِهِ مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضَ ; فَإِذَا مَرَرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: {رَبَّنَا آتِنَا} [البقرة: ٢٠٠] الْآيَةَ. فَإِنَّهُ يَقُولُ: آمِينَ آمِينَ» ".

وَرَوَى الْحَاكِمُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَ الْيَمَانِيَيْنِ: " اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ قَنِّعْنِي بِمَا رَزَقْتَنِي، وَبَارِكْ فِيهِ، وَاخَلُفْ عَلَيَّ كُلَّ غَائِبَةٍ لِي بِخَيْرٍ» ". وَأَخْرَجَ الْأَزْرَقِيُّ، عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا مَرَّ بِالرُّكْنِ الْيَمَانِي قَالَ: " بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ، السَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْفَقْرِ وَمَوَاقِفِ الْخِزْي فِي الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] ، وَجَاءَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا لِابْنِ الْمُسَيَّبِ، لَكِنْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ زَادَ بَعْضُهُمْ لَهُ: «قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقُولُ هَذَا، وَإِنْ كُنْتُ مُسْرِعًا؟ قَالَ: " نَعَمْ، وَإِنْ كُنْتَ أَسْرَعَ مِنْ بَرْقِ الْخُلَّبِ» وَهُوَ سَحَابٌ لَا مَطَرَ فِيهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>