للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٦٦٨ - وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: «كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ، إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنِ الْحَائِضِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٢٦٦٨ - (وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّاسُ) : أَيْ: بَعْدَ حَجِّهِمْ (يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ) : أَيْ: طَرِيقٍ طَائِفًا، وَغَيْرِ طَائِفٍ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ) : أَيِ: النَّفْرَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ، أَوْ لَا يَخْرُجْنَّ أَحَدُكُمْ مِنْ مَكَّةَ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْآفَاقِيُّ (حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتَ) : أَيْ: بِالطَّوَافِ بِهِ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. قَالَ الطِّيبِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: دَلَّ عَلَى وُجُوبِ طَوَافِ الْوَدَاعِ، وَخَالَفَ فِيهِ مَالِكًا (إِلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: طَوَافُ الْوَدَاعِ (عَنِ الْحَائِضِ) : وَفِي مَعْنَاهَا النُّفَسَاءُ، وَعَلَى هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ اتِّفَاقُ الْعُلَمَاءِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: طَوَافُ الْوَدَاعِ وَاجِبٌ، وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَجْعَلَهُ آخِرَ طَوَافِهِ فِي " الْكَافِي " لِلْحَاكِمِ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يُقِيمَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا شَاءَ، وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ طَوَافُهُ حِينَ يَخْرُجُ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَالْحَسَنِ، وَإِذَا اشْتَغَلَ بَعْدَهُ بِعَمَلٍ بِمَكَّةَ يُعِيدُهُ لِلصَّدْرِ، وَإِنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِ إِذَا فَعَلَهُ حِينَ يَصْدُرُ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ إِنَّمَا قَدِمَ مَكَّةَ لِلنُّسُكِ، فَحِينَ تَمَّ فَرَاغُهُ مِنْهُ جَاءَ أَوَانُ السَّفَرِ، فَطَوَافُهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ لَهُ إِذِ الْحَالُ أَنَّهُ عَلَى عَزْمِ الرُّجُوعِ. نَعَمْ رُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ إِذَا طَافَ لِلصَّدْرِ، ثُمَّ أَقَامَ إِلَى الْعِشَاءِ قَالَ: أُحِبُّ أَنْ يَطُوفَ طَوَافًا آخَرَ كَيْلَا يَكُونَ بَيْنَ طَوَافِهِ، وَنَفْرِهِ حَائِلٌ، لَكِنَّ هَذَا عَلَى وَجْهِ الِاسْتِحْبَابِ تَحْصِيلًا لِمَفْهُومِ الِاسْمِ عَقِيبَ مَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِحَتْمٍ إِذْ لَا يُسْتَغْرَبُ فِي الْعُرْفِ تَأْخِيرُ السَّفَرِ عَنِ الْوَدَاعِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ، وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ، وَمَنْ كَانَ دَاخِلَ الْمِيقَاتِ، وَكَذَا مَنِ اتَّخَذَ مَكَّةَ دَارًا، ثُمَّ بَدَا لَهُ الْخُرُوجُ لَيْسَ عَلَيْهِمْ طَوَافُ صَدْرٍ، وَكَذَا فَائِتُ الْحَجِّ لِأَنَّ الْعَوْدَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ صَارَ كَالْمُعْتَمِرِ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُعْتَمِرِ طَوَافُ الصَّدْرِ - ذَكَرَهُ فِي التُّحْفَةِ. وَفِي إِثْبَاتِهِ عَلَى الْمُعْتَمِرِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفِي " الْبَدَائِعِ " قَالَ أَبُو يُوسُفَ: أَحَبُّ إِلَيَّ أَنْ يَطُوفَ الْمَكِّيُّ طَوَافَ الصَّدْرِ؛ لِأَنَّهُ وُضِعَ لَخَتْمِ أَفْعَالِ الْحَجِّ، وَهَذَا الْمَعْنَى يُوجَدُ وَفِي أَهْلِ مَكَّةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>