٢٩٢٠ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: «أُتِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِجِنَازَةٍ لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا قَالَ: " هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ؟ " قَالُوا: " نَعَمْ "، قَالَ: " هَلْ تَرَكَ لَهُ مِنْ وَفَاءٍ؟ "، قَالُوا: " لَا " قَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. " قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: عَلَيَّ دَيْنُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَتَقَدَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ» . وَفِي رِوَايَةٍ مَعْنَاهُ، وَقَالَ: «فَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ مِنَ النَّارِ كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ، لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقْضِي عَنْ أَخِيهِ دَيْنَهُ إِلَّا فَكَّ اللَّهُ رِهَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ.
ــ
٢٩٢٠ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ جِيءَ (بِجِنَازَةٍ) : فِي النِّهَايَةِ هِيَ بِالْفَتْحِ وَالْكَسْرِ الْمَيِّتُ وَقِيلَ: بِالْكَسْرِ السَّرِيرُ وَبِالْفَتْحِ الْمَيِّتُ اهـ فَالْفَتْحُ أَوْلَى لِقَوْلِهِ (لِيُصَلِّيَ عَلَيْهَا) : فَإِنَّ الضَّمِيرَ لِلْجِنَازَةِ وَأُرِيدَ بِهَا الْمَيِّتُ عَلَى الْأَوَّلِ فِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَأَمَّا إِذَا أُرِيدَ بِهِ السَّرِيرُ فَقَطْ فَفِيهِ مَجَازٌ إِذْ ذُكِرَ الْمَحَلُّ وَأُرِيدَ بِهِ الْحَالُ (فَقَالَ: هَلْ عَلَى صَاحِبِكُمْ دَيْنٌ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: هَلْ تَرَكَ لَهُ) : أَيْ لِلدَّيْنِ (مِنْ وَفَاءٍ؟) : مِنْ زَائِدَةٌ لِأَنَّهَا فِي سِيَاقِ الِاسْتِفْهَامِ ; أَيْ هَلْ تَرَكَ مَا يُوَفِّي بِهِ دَيْنَهُ (قَالُوا: " لَا " قَالَ: صَلُّوا) : وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ قَالَ: فَصَلُّوا (عَلَى صَاحِبِكُمْ، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ: عَلَيَّ دَيْنُهُ) : أَيْ وَفَاؤُهُ (يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَتَقَدَّمَ) : أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَصَلَّى عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةٍ مَعْنَاهُ) : أَيَ دُونَ لَفْظٍ (وَقَالَ) : أَيْ لَعَلِيٍّ خَيْرًا أَوْ دُعَاءً (فَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ أَبْرَأَ رَقَبَتَكَ (مِنَ النَّارِ) : أَيْ بِالْعَفْوِ عَنْ مُسِيئَتِكَ (كَمَا فَكَكْتَ رِهَانَ أَخِيكَ الْمُسْلِمِ) .
قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: فَكُّ الرَّهْنِ تَخْلِيصُهُ، وَفَكُّ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ أَيِ السَّعْيُ فِيمَا يُعْتِقُهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَالرِّهَانُ جَمْعُ رَهْنٍ يُرِيدُ أَنَّ نَفْسَ الْمَدْيُونِ مَرْهُونَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ بِدَيْنِهِ كَمَا هِيَ فِي الدُّنْيَا مَحْبُوسَةٌ وَالْإِنْسَانُ مَرْهُونٌ بِعَمَلِهِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: ٣٨] أَيْ مُقِيمٌ فِي جَزَاءِ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلِهِ فَلَمَّا سَعَى فِي تَخْلِيصِ أَخِيهِ الْمُؤْمِنِ عَمَّا كَانَ مَأْسُورًا بِهِ مِنَ الدَّيْنِ دَعَا لَهُ بِتَخْلِيصِ اللَّهِ نَفْسَهُ عَمَّا تَكُونُ مَرْهُونَةً بِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ (لَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَقْضِي عَنْ أَخِيهِ دَيْنَهُ إِلَّا فَكَّ اللَّهُ رِهَانَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) : وَلَعَلَّهُ ذَكَرَ الرِّهَانَ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنَ الْإِنْسَانِ رَهِينٌ بِمَا كَسَبَ أَوْ لِأَنَّهُ اجْتَرَحَ الْآثَامَ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ فَرَهَنَ بِهَا نَفْسَهُ رَهْنًا بَعْدَ رَهْنٍ. (رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute