للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٠٧٥ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةَ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ، فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ» . ثُمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] إِلَى قَوْلِهِ {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: ١٣] رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ.

ــ

٣٠٧٥ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ» ) أَيْ لَيَعْبُدُ اللَّهَ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ (وَالْمَرْأَةَ) بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اسْمِ إِنَّ وَخَبَرُ الْمَعْطُوفِ مَحْذُوفٌ بِدَلَالَةِ خَبَرِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَيَجُوزُ الرَّفْعُ وَخَبَرُهُ كَذَلِكَ، وَقَدْ تَنَازَعَ فِي قَوْلِهِ: (بِطَاعَةِ اللَّهِ) الْمَحْذُوفُ وَالْمَذْكُورُ (سِتِّينَ سَنَةً) أَيْ مَثَلًا أَوِ الْمُرَادُ مِنْهُ التَّكْثِيرُ ( «ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ» ) أَيْ: عَلَامَتُهُ ( «فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ» ) مِنَ الْمُضَارَّةِ أَيْ: يُوصِلَانِ الضَّرَرَ إِلَى الْوَارِثِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ لِلْأَجْنَبِيِّ بِأَكْثَرَ مِنَ الثُّلُثِ، أَوْ بِأَنْ يَهَبَ جَمِيعَ مَالِهِ لِوَاحِدٍ مِنَ الْوَرَثَةِ كَيْلَا يَرِثَ وَارِثٌ آخَرُ مِنْ مَالِهِ شَيْئًا، فَهَذَا مَكْرُوهٌ وَفِرَارٌ عَنْ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى، ذَكَرَهُ ابْنُ الْمَلَكِ، وَفِيهِ: أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِمَا ضَرَرٌ لِأَحَدٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ مَعْنَاهُ فَيَقْصِدَانِ الضَّرَرَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَانَ يُوصِي لِغَيْرِ أَهْلِ الْوَصِيَّةِ أَوْ يُوصِي بِعَدَمِ إِمْضَاءِ مَا أَوْصَى بِهِ حَقًّا بِأَنْ نَدَمَ مِنْ وَصِيَّتِهِ أَوْ يَنْقُضُ بَعْضَ الْوَصِيَّةِ ( «فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ» ) أَيْ: ذَهَبَتْ وَالْمَعْنَى يَسْتَحِقَّانِ الْعُقُوبَةَ، وَلَكِنَّهُمَا تَحْتَ الْمَشِيئَةِ (ثُمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ) أَيْ: اسْتِشْهَادًا وَاعْتِضَادًا {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ} [النساء: ١٢] مُتَعَلِّقٌ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قِسْمَةِ الْمَوَارِيثِ {يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: ١٢] بِبِنَاءِ الْمَعْلُومِ {غَيْرَ مُضَارٍّ} [النساء: ١٢] أَيْ: غَيْرَ مُوصِلِ الضَّرَرِ إِلَى وَرَثَتِهِ بِسَبَبِ الْوَصِيَّةِ فَغَيْرُ حَالٍ مِنْ فَاعِلِ يُوصِي، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ وَهِيَ قِرَاءَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ: يُوصِي مَجْهُولًا فَهُوَ حَالٌ عَنْ يُوصَى مُقَدَّرٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا قِيلَ لِوَصِيٍّ عُلِمَ أَنَّ ثَمَّ مُوصِيًا (إِلَى قَوْلِهِ: {وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [النساء: ١٣] يَعْنِي وَصِيَّةً. مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ. {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا} [النساء: ١٣] إِلَى آخَرِ الْآيَةِ، وَالشَّاهِدُ إِنَّمَا هُوَ الْآيَةُ الْأُولَى، وَإِنَّمَا قَرَأَ الْآيَةَ الثَّانِيَةَ لِأَنَّهَا تُؤَكِّدُ الْأُولَى، وَكَذَا مَا بَعْدَهَا مِنَ الثَّالِثَةِ، وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِالثَّانِيَةِ عَنِ الثَّالِثَةِ (رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>