٣١٦١ - وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ الْوِلَادَةِ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
٣١٦١ - (وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَيَكْسَرُ، وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ الْكَسْرَ مَعَ الْهَاءِ وَفِعْلُهُ فِي الْفَصِيحِ مِنْ حَدِّ عَلِمَ يَعْلَمُ وَأَهْلُ نَجْدٍ قَالُوهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الشَّاعِرِ يَذُمُّ عُلَمَاءَ زَمَانِهِ - وَذَمُّوا لَنَا الدُّنْيَا وَهُمْ يَرْضِعُونَهَا - وَهُوَ فِي اللُّغَةِ مَصُّ اللَّبَنِ مِنَ الثَّدْيِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لَئِيمُ مَرَاضِعَ أَيْ: يَرْضِعُ غَنَمَهُ وَلَا يَحْلِبُهَا مَخَافَةَ أَنْ يُسْمَعَ صَوْتُ حَلْبِهِ فَيُطْلَبُ مِنْهُ اللَّبَنُ، وَفِي الشَّرْعِ: مَصَّ الرَّضِيعُ اللَّبَنَ مِنْ ثَدْيِ الْآدَمِيَّةِ فِي وَقْتٍ مَخْصُوصٍ، فِي الْهِدَايَةِ: إِذَا شَرِبَ صِبْيَانٌ مِنْ لَبَنِ شَاةٍ فَلَا رِضَاعَ مُحَرَّمٌ بَيْنَهُمَا ; لِأَنَّهُ لَا جُزْئِيَّةَ بَيْنَ الْآدَمِيِّ وَالْبَهَائِمَ وَالْحُرْمَةُ بِاعْتِبَارِهَا (مَا يُحَرَّمُ مِنَ الْوِلَادَةِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ أَيِ النَّسَبِ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بَعْضَ الْمَسَائِلِ وَقَدْ جُمِعَتْ فِي قَوْلِهِ: يُفَارِقُ النَّسَبَ الرِّضَاعُ فِي صُوَرٍ كَأُمٍّ نَافِلَةٍ وَجَدَةِ الْوَلَدِ وَأَمِّ عَمٍّ وَأُخْتِ ابْنٍ وَأُمِّ أَخٍ وَأُمِّ خَالٍ عَمَّةِ ابْنٍ اعْتَمَدِ ثُمَّ قَالَ طَائِفَةٌ: هَذَا الْإِخْرَاجُ تَخْصِيصٌ لِلْحَدِيثِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ وَالْمُحَقِّقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ تَخْصِيصًا ; لِأَنَّهُ أَحَالَ مَا يَحْرُمُ مِنَ الرِّضَاعِ عَلَى مَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ وَمَا يَحْرُمُ بِالنَّسَبِ هُوَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ خِطَابُ تَحْرِيمِهِ وَقَدْ تَعَلَّقَ بِمَا عَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْأُمَّهَاتِ وَالْبَنَاتِ وَأَخَوَاتِكُمْ وَعَمَّاتِكُمْ وَخَالَاتِكُمْ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَبَنَاتِ الْأُخْتِ فَمَا كَانَ مِنْ مُسَمَّى هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مُتَحَقِّقًا فِي الرِّضَاعِ حَرُمَ فِيهِ وَالْمَذْكُورَاتُ لَيْسَ شَيْءٌ مِنْهَا مِنْ مُسَمَّى تِلْكَ فَكَيْفَ تَكُونُ مَخْصُوصَةً وَهِيَ غَيْرُ مُتَنَاوَلَةٍ، فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: فِي الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الرِّضَاعِ كَحُرْمَةِ النَّسَبِ فِي الْمَنَاكَحِ فَإِذَا أَرْضَعَتِ الْمَرْأَةُ رَضِيعًا يَحْرُمُ عَلَى الرَّضِيعِ وَعَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أَقَارِبِ الْمُرْضِعَةِ كُلُّ مَنْ يَحْرُمُ عَلَى وَلَدِهَا مِنَ النَّسَبِ وَلَا تَحْرُمُ الْمُرْضِعَةُ عَلَى أَبِي الرَّضِيعِ وَلَا عَلَى أَخِيهِ وَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَمُّ أُخْتِكَ مِنَ الرِّضَاعِ، إِذَا لَمْ تَكُنْ أَمًّا لَكَ وَلَا زَوْجَةَ أَبِيكَ وَيُتَصَوَّرُ هَذَا فِي الرِّضَاعِ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي النَّسَبِ أَمُّ أُخْتٍ إِلَّا وَهِيَ أَمٌّ لَكَ أَوْ زَوْجَةٌ لِأَبِيكَ، وَكَذَلِكَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْكَ نَافِلَتُكَ مِنَ الرِّضَاعِ إِذَا لَمْ تَكُنِ ابْنَتَكَ أَوْ زَوْجَةَ ابْنِكَ وَلَا جَدَّةُ وَلَدِكَ مِنَ الرِّضَاعِ إِذَا لَمْ تَكُنْ أُمَّكَ أَوْ أُمَّ زَوْجَتِكَ وَلَا أُخْتُ وَلَدَكَ مِنَ الرِّضَاعِ إِذَا لَمْ تَكُنِ ابْنَتَكَ أَوْ رَبِيبَتَكَ قَالَ: وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الزَّانِيَةَ إِذَا أَرْضَعَتْ بِلَبَنِ الزِّنَا رَضِيعًا لَا تَثْبُتُ الْحُرْمَةُ بَيْنَ الرَّضِيعِ وَبَيْنَ الزَّانِي وَأَهْلِ نَسَبِهِ كَمَا لَا يَثْبُتُ بِهِ النَّسَبُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: " فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ النِّكَاحُ وَيَحُلُّ النَّظَرُ وَالْخَلْوَةُ وَالْمُسَافَرَةُ لَكِنْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأُمُورِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَا يَتَوَارَثَانِ وَلَا يَجِبُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَفَقَةُ الْآخَرِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ وَإِلَّا يَسْقُطُ عَنْهَا الْقِصَاصُ بِقَتْلِهِ فَهُمَا كَالْأَجْنَبِيَّيْنِ فِي هَذِهِ الْأَحْكَامِ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: " نُقِلَ أَنَّ الْإِمَامَ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ الْبُخَارِيَّ صَاحِبَ الصَّحِيحِ أَفْتَى فِي بُخَارَا بِثُبُوتِ الْحُرْمَةِ بَيْنَ صَبِيَّيْنِ ارْتَضَعَا شَاهً فَاجْتَمَعَ عُلَمَاؤُهَا عَلَيْهِ، وَكَانَ سَبَبُ خُرُوجِهِ مِنْهَا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ "، وَمَنْ لَمْ يُدَقِقْ نَظَرَهُ فِي مَنَاطِ الْأَحْكَامِ وَحُكْمِهَا كَثُرَ خَطَؤُهُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي زَمَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ وَالشَّيْخِ أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ وَهُوَ لِدَةُ الشَّافِعِيِّ فَإِنَّهُمَا مَعًا وِلِدَا فِي الْعَامِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَهُوَ عَامُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ، وَفِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ: " يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ " رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَأَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ اه، فَكَانَ حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute