للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مِنَ الْمَالِ وَعَلَى أَنَّ الْمَالَ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْكَفَاءَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْأَلْ هَلْ هُوَ كُفْءٌ لَهَا أَمْ لَا وَقَدْ عَلِمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ حَالِهِ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ (فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْتُكَ بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ) قَالَ الْأَشْرَفُ: الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَلَيْسَتْ لِلْبَدَلِيةِ وَالْمُقَابَلَةِ أَيْ زَوَّجْتُكَهَا بِسَبَبِ مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ سَبَبُ الِاجْتِمَاعِ بَيْنَكُمَا كَمَا فِي تَزَوُّجِ أَبِي طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ عَلَى إِسْلَامِهِ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ صَارَ سَبَبًا لِاتِّصَالِهِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْمَهْرُ دِينًا، قِيلَ وَلَعَلَّهَا وَهَبَتْ صَدَاقَهَا لِذَلِكَ الرَّجُلِ، قِيلَ: وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ، قُلْتُ: أَمَّا هِبَتُهَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا تَصِحُّ اتِّفَاقًا وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ (وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَ) أَيْ: بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ (فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ) مَا مَعَكَ وَهَذَا أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ التَّعْلِيمَ مَهْرٌ قَالَ الْخَطَابِيُّ: الْبَاءُ لِلتَّعْوِيضِ كَمَا يُقَالُ بِعْتُ هَذَا الثَّوْبَ بِدِينَارٍ وَلَوْ كَانَ مَعْنَاهُ مَا أَوَّلُوهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهَا مَعْنَى الْمَهْرِ لَمْ يَكُنْ لِسُؤَالِهِ إِيَّاهُ هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ مَعْنًى، قُلْتُ: مَعْنَاهُ حَيْثُ تَعَذَّرَ الْبَدَلُ الْحَقِيقِيُّ أَجَازَ الْعِوَضَ السَّبَبِيَّ صُورَةً وَالْبَدَلُ الْحَقِيقِيُّ ذِمَّةً، قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ ": وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا هُوَ مَالٌ أَوْ مَنْفَعَةٌ يُمْكِنُ تَسْلِيمُهَا شَرْعًا يَجُوزُ التَّزَوُّجُ عَلَيْهَا، وَمَا لَا يَجُوزُ كَخِدْمَةِ الزَّوْجِ الْحُرِّ لِلْمُنَاقِضَةِ وَحُرٍّ أَخَرَ فِي خِدْمَةٍ تَسْتَدْعِي خَلْوَةً لِلْفِتْنَةِ وَتَعْلِيمِ الْقُرْآنِ لِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ الْأُجْرَةِ عَلَى ذَلِكَ كَالْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ وَالْحَجِّ، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى هَذِهِ فَصَحَّ تَسْمِيَتُهَا وَاخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ فِي رَعْيِ غَنَمِهَا وَزِرَاعَةِ أَرْضِهَا لِلتَّرَدُّدِ فِي تَمَحُّضِهَا خِدْمَةً وَعَدَمِهِ وَكَوْنِ الْأَوْجَهِ الصِّحَّةَ لِقَصِّ اللَّهِ سُبْحَانَهُ قِصَّةَ شُعَيْبٍ وَمَوْسِى عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنْ غَيْرِ بَيَانِ نَفْيِهِ فِي شَرْعِنَا إِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَتِ الْغَنَمُ مِلْكَ الْبِنْتِ دُونَ شُعَيْبٍ وَهُوَ مُنْتَفٍ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>