عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَاعَنَ بَيْنَ الْعَجْلَانِيِّ وَامْرَأَتِهِ، وَكَانَتْ حُبْلَى» ، وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ هَكَذَا أَيْضًا. وَرَوَى ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ فِي تَرْجَمَةِ عُوَيْمِرٍ، «عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، قَالَ: شَهِدْتُ عُوَيْمِرَ بْنَ الْحَارِثِ الْعَجْلَانِيَّ، وَقَدْ رَمَى امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، فَلَاعَنَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ حَامِلٌ، فَرَأَيْتُهُمَا يَتَلَاعَنَانِ قَائِمَيْنِ عِنْدَ الْمِنْبَرِ ثُمَّ وَلَدَتْ، فَأُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالْمَرْأَةِ، وَجَاءَتْ بِهِ أَشْبَهَ النَّاسِ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَكَانَ عُوَيْمِرٌ قَدْ لَامَهُ قَوْمُهُ وَقَالُوا: امْرَأَةٌ لَا نَعْلَمُ عَلَيْهَا إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا جَاءَ الشَّبَهُ بِشَرِيكٍ عَذَرَهُ النَّاسُ، وَعَاشَ الْمَوْلُودُ سَنَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَ وَعَاشَتْ أُمُّهُ بَعْدَهُ يَسِيرًا، وَصَارَ شَرِيكٌ بَعْدَ ذَلِكَ بِحَالَةٍ سُوءٍ» .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: وَحَدَّثَنِي الضَّحَّاكُ بْنِ عُثْمَانَ أَنَّ عُوَيْمِرًا. . . فَسَاقَ الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ قَالَ: «وَلَمْ يَحُدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُوَيْمِرًا فِي قَذْفِهِ بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ، وَشَهِدَ عُوَيْمِرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَشَرِيكُ بْنُ السَّحْمَاءِ أُحُدًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ» . فَفِي هَذَا أَنَّ الْوَلَدَ عَاشَ سَنَتَيْنِ وَمَاتَ، وَنَسَبُهُ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ إِلَى شَرِيكٍ أَيْضًا، وَنُسِبَ إِلَى شَرِيكٍ فِي قِصَّةِ عُوَيْمِرٍ، قِيلَ: وَيَجْمَعُ بَيْنَهُمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ، وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ هِلَالٍ، «فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: (اللَّهُمَّ بَيِّنْ) : فَوَضَعَتْ شَبَهًا بِالَّذِي ذَكَرَ زَوْجُهَا أَنَّهُ وَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ، فَلَاعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - وَفِي هَذَا اللِّعَانِ بَيْنَهُمَا كَانَ بَعْدَ الْوَضْعِ فَمَا تَقَدَّمَ خِلَافُهُ، وَهَذَا تَعَارُضٌ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنْ لَا لَعَانَ بِنَفْيِ الْحَمْلِ وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَزُفَرَ، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْحَسَنُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأَبُو ثَوْرٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ: يَجِبُ اللِّعَانُ إِذَا وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِلتَّيَقُّنِ لِقِيَامِ الْحَمْلِ عِنْدَ الْقَذْفِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ أَوَّلًا. وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفُ أَنَّهُ يُلَاعَنُ قَبْلَ الْوِلَادَةِ، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لِحَدِيثِ هِلَالِ بْنِ أُمَيَّةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute