للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٣٨٩ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( «مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا فِي عَبْدٍ أُعْتِقَ كُلُّهُ إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اسْتَسْعَى الْعَبْدَ غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ» ) . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٣٣٨٩ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: (مَنْ أَعْتَقَ شِقْصًا) : بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ: نَصِيبًا (فِي عَبْدٍ) وَفِي نُسْخَةٍ مِنْ عَبْدٍ (أُعْتِقَ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيِ: الْعَبْدُ (كُلُّهُ) : أَيْ عَلَى الْمُعْتِقِ (إِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ) : أَيْ: يَبْلُغُ قِيمَةَ بَاقِيهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ اسْتُسْعِيَ الْعَبْدُ) : بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ: يَسْتَسْعِيهِ فِي غَيْرِ مَا أَعْتَقَهُ (غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) : بِنَصْبِ (غَيْرَ) عَلَى أَنَّهُ حَالٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ. قَالَ النَّوَوِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: مَعْنَى الِاسْتِسْعَاءِ أَنَّ الْعَبْدَ يُكَلَّفُ بِالِاكْتِسَابِ وَالطَّلَبِ حَتَّى يُحَصِّلَ قِيمَةَ نَصِيبِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ، فَإِذَا دَفَعَهَا إِلَيْهِ عَتَقَ، كَذَا فَسَّرَهُ الْجُمْهُورُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ أَنْ يَخْدِمَ سَيِّدَهُ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ بِقَدْرِ مَا لَهُ فِيهِ مِنَ الرِّقِّ، فَعَلَى هَذَا تَتَّفِقُ الْأَحَادِيثُ، وَمَعْنَى (غَيْرَ مَشْقُوقٍ عَلَيْهِ) . أَيْ لَا يُكَلَّفُ بِمَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: أَيْ لَا يَسْتَغْلِي عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .

وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ، قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ رَحِمَهُ اللَّهُ: فِي ذِكْرِ الِاسْتِسْعَاءِ هُنَا خِلَافٌ بَيْنَ الرُّوَاةِ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ شُعْبَةُ وَهِشَامٌ عَنْ قَتَادَةَ، وَهُمَا أَثْبَتُ مِمَّنْ لَمْ يَذْكُرَا فِيهِ الِاسْتِسْعَاءَ، وَوَافَقَهُمَا هَمَّامٌ، فَفَصَلَ الِاسْتِسْعَاءَ عَنِ الْحَدِيثِ، فَجَعَلَهُ مِنْ رَأْيِ قَتَادَةَ قَالَ: وَعَلَى هَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ الصَّوَابُ. قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَسَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ النَّيْسَابُورِيَّ يَقُولُ: مَا أَحْسَنَ مَا رَوَاهُ هَمَّامٌ وَضَبَطَهُ، فَفَصَلَ قَوْلَ قَتَادَةَ عَنِ الْحَدِيثِ. قَالَ بَعْضُهُمْ: إِسْقَاطُ السِّعَايَةِ مِنَ الْحَدِيثِ أَوْلَى مِنْ ذِكْرِهَا، وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْأَحَادِيثِ الْأُخَرِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا السِّعَايَةَ أَثْبَتُ مِمَّنْ ذَكَرَهَا. قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ: إِذَا أَعْتَقَ الْمَوْلَى بَعْضَ عَبْدٍ عَتَقَ ذَلِكَ الْقَدْرُ، وَيَسْعَى فِي بَقِيَّةِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَاهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَيُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ فِي الْحَالِ، وَالِاسْتِسْعَاءُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ فَيَأْخُذَ نِصْفَ قِيمَتِهِ مِنَ الْأُجْرَةِ، ذَكَرَهُ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ، وَسَيَجِيءُ أَنَّهُ إِذَا امْتَنَعَ مِنَ السِّعَايَةِ فَعَلَ ذَلِكَ إِذَا كَانَ لَهُ عَمَلٌ مَعْرُوفٌ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ مَعْنَى الِاسْتِسْعَاءِ غَيْرُ هَذَا، وَإِنَّمَا يُصَارُ إِلَيْهِ عِنْدَ امْتِنَاعِهِ، فَتَكُونُ الْإِجَارَةُ تَنْفُذُ عَلَيْهِ جَبْرًا، وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إِذَا عَيَّنَ مِقْدَارًا كَرُبُعِكَ حُرٌّ وَنَحْوِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>