للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٥٧٤ - وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ «أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ كَانَ فِي الْحَيِّ مُخْدَجٍ سَقِيمٍ فَوَجَدَ عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَائِهِمْ يَخْبُثُ بِهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا لَهُ عِثْكَالًا فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ فَاضْرِبُوهُ ضَرْبَةً» . رَوَاهُ شَرْحُ السُّنَّةِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ.

ــ

٣٥٧٤ - (وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ) لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ فِي أَسْمَائِهِ (أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: يُكَنَّى أَبَا ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ السَّاعِدِيَّ الْخَزْرَجِيَّ كَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ الِاثْنَى عَشَرَ وَكَانَ سَيِّدَ الْأَنْصَارِ مُقَدَّمًا فِيهِمْ وَجِيهًا لَهُ رِيَاسَةٌ وَسِيَادَةٌ تَعْتَرِفُ لَهُ قَوْمُهُ بِهَا رَوَى عَنْهُ نَفَرٌ يُقَالُ: إِنَّ الْجِنَّ قَتَلَتْهُ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّهُ وُجِدَ مَيْتًا فِي مُغْتَسَلِهِ، وَقَدْ أُحْضِرَ جَسَدُهُ، وَلَمْ يَشْعُرُوا بِمَوْتِهِ حَتَّى سَمِعُوا قَائِلًا يَقُولُ وَلَا يَرَوْنَ أَحَدًا: قَدْ قَتَلْنَا سَيِّدَ الْخَزْرَجِ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ وَرَمَيْنَاهُ بِسَهْمٍ فَلَمْ يُخْطِهِ فُؤَادُهْ (أَتَى النَّبِيَّ) أَيْ جَاءَهُ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَجُلٍ كَانَ فِي الْحَيِّ) أَيْ فِي الْقَبِيلَةِ (مُخْدَجٍ) مَجْرُورٌ بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ نَاقِصِ الْخِلْقَةِ (سَقِيمٍ) أَيْ مَرِيضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لِمَا سَبَقَ (فَوَجَدَ) أَيِ الرَّجُلُ (عَلَى أَمَةٍ مِنْ إِمَائِهِمْ يَخْبُثُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ يَزْنِي بِهَا فَإِنَّ الزِّنَا مِنْ خَبِيثِ الْفِعْلِ (فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا لَهُ عِثْكَالًا) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ كِبَاسَةً وَهِيَ لِلرُّطَبِ بِمَنْزِلَةِ الْعُنْقُودِ لِلْعِنَبِ (فِيهِ مِائَةُ شِمْرَاخٍ) بِكَسْرٍ أَوَّلِهِ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْبُسْرُ مِنْ عِيدَانِ الْكِبَاسَةِ، وَقَالَ الطِّيبِيُّ: الْعِثْكَالُ الْغُصْنُ الْكَبِيرُ الَّذِي يَكُونُ عَلَيْهِ أَغْصَانٌ صِغَارٌ وَيُسَمَّى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ تِلْكَ الْأَغْصَانِ شِمْرَاخًا (فَاضْرِبُوهُ) أَيْ بِهَا كَمَا فِي نُسْخَةٍ (ضَرْبَةً) أَيْ وَاحِدَةً لَكِنْ بِحَيْثُ يَصِلُ أَثَرُ ضَرْبِ الْمِائَةِ جَمِيعِهَا إِلَى بَدَنِهِ (رَوَاهُ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ نَحْوُهُ) قَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: هَذَا الْحَدِيثُ غَيْرُ مَعْمُولٍ بِهِ لِمُخَالَفَتِهِ النَّصَّ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: ٢] وَالضَّرْبُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِنْ جُمْلَةِ الرَّأْفَةِ اه وَهُوَ خَطَأٌ تَفْسِيرًا وَحَدِيثًا وَفِقْهًا أَمَّا التَّفْسِيرُ فَمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} [النور: ٢] أَيْ فِي طَاعَتِهِ وَإِقَامَةِ حَدِّهِ، فَتُعَطِّلُوهُ، أَوْ تُسَامِحُوا فِيهِ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَا رَوَاهُ السِّتَّةُ: " «لَوْ سَرَقَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» ". كَذَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ وَفِي الْمَعَالِمِ اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى الْآيَةِ فَقَالَ قَوْمٌ: لَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فَتُعَطِّلُوا الْحُدُودَ، وَلَا تُقِيمُوهَا، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالنَّخَعِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَقَالَ جَمَاعَةٌ: مَعْنَاهَا وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فَتُخَفِّفُوا الضَّرْبَ وَلَكِنْ أَوْجِعُوهُمَا ضَرْبًا، وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَالْحَسَنِ، وَرُوِيَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ جَلَدَ جَارِيَةً لَهُ زَنَتْ، فَقَالَ لِلْجَلَّادِ: اضْرِبْ ظَهْرَهَا وَرِجْلَيْهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهَا، وَقَدْ ضُرِبَتْ، فَأُوجِعَتْ. اه وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَرِيضَ الشَّدِيدَ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ لَوْ ضُرِبَ ضَرْبًا وَجِيعًا لَمَاتَ، وَلَمْ نُؤْمَرْ بِقَتْلِهِ وَلَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَمَا لَا يُدْرَكُ كُلُّهُ لَا يُتْرَكُ كُلُّهُ فَهَذَا هُوَ الْحِيلَةُ مُرَاعَاةً

<<  <  ج: ص:  >  >>