للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الثَّانِي

٣٨٧٢ - عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ: صَانِعَهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْخَيْرَ وَالرَّامِيَ بِهِ، وَمُنَبِّلَهُ. فَارْمُوا، وَارْكَبُوا، وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا. كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ بَاطِلٌ، إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ، وَتَأْدِيبَهُ فَرَسَهُ، وَمُلَاعَبَتَهُ امْرَأَتَهُ، فَإِنَّهُنَّ مِنَ الْحَقِّ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ: " «وَمَنْ تَرَكَ الرَّمْيَ بَعْدَمَا عَلِمَهُ رَغْبَةً عَنْهُ، فَإِنَّهُ نِعْمَةٌ تَرَكَهَا» " أَوْ قَالَ: " كَفَرَهَا ".

ــ

الْفَصْلُ الثَّانِي

٣٨٧٢ - (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ) : أَيْ: بِسَبَبِ رَمْيِهِ عَلَى الْكُفَّارِ (ثَلَاثَةَ نَفَرٍ الْجَنَّةَ) : بِالنَّصْبِ فِيهِمَا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (صَانِعَهُ) : بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ ثَلَاثَةَ (يَحْتَسِبُ) : أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ يَطْلُبُ (فِي صُنْعِهِ) : أَيْ: لِذَلِكَ السَّهْمِ (الْخَيْرَ) : أَيِ: الثَّوَابَ (وَالرَّامِيَ بِهِ) : أَيْ: كَذَلِكَ مُحْتَسِبًا، وَكَذَا قَوْلُهُ (وَمُنَبِّلَهُ) : بِتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ وَيُخَفَّفُ ; أَيْ: مُنَاوِلَ النَّبْلِ، وَهُوَ السَّهْمُ، سَوَاءٌ كَانَ مِلْكَ الْمُعْطِي، أَوِ الرَّامِي، فَفِي النِّهَايَةِ يُقَالُ: نَبَلْتُ الرَّجُلَ بِالتَّشْدِيدِ إِذَا نَاوَلْتَهُ النَّبْلَ لِيَرْمِيَ بِهِ، وَكَذَلِكَ أَنْبَلْتُهُ. قَالَ أَبُو عَمْرٍو الزَّاهِدُ: نَبَلْتُهُ وَأَنْبَلْتُهُ وَنَبَلْتُهُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِالْمُنَبِّلِ الَّذِي يَرُدُّ النَّبْلَ عَلَيْهِ الرَّامِي مِنَ الْهَدَفِ اه. وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَلَكِ قَالَ: فَالضَّمِيرُ لِلرَّامِي وَفِيهِ بَحْثٌ (وَارْمُوا وَارْكَبُوا) ; أَيْ: لَا تَقْتَصِرُوا عَلَى الرَّمْيِ مَاشِيًا، وَاجْمَعُوا بَيْنَ الرَّمْيِ وَالرُّكُوبِ، أَوِ الْمَعْنَى: اعْلَمُوا هَذِهِ الْفَضِيلَةَ وَتَعَلَّمُوا الرَّمْيَ وَالرُّكُوبَ بِتَأْدِيبِ الْفَرَسِ وَالتَّمْرِينِ عَلَيْهِ، كَمَا يُشِيرُ إِلَيْهِ آخِرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: عَطْفُ " وَارْكَبُوا " يَدُلُّ عَلَى الْمُغَايَرَةِ، وَأَنَّ الرَّامِيَ يَكُونُ رَاجِلًا، وَالرَّاكِبُ رَامِحًا، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: ( «وَأَنْ تَرْمُوا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ تَرْكَبُوا» ) : أَنَّ الرَّمْيَ بِالسَّهْمِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الطَّعْنِ بِالرُّمْحِ اه.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّ مَعْنَاهُ: أَنَّ مُعَالَجَةَ الرَّمْيِ وَتَعَلُّمَهُ أَفْضَلُ مِنْ تَأْدِيبِ الْفَرَسِ وَتَمْرِينِ رُكُوبِهِ لِمَا فِيهِ مِنَ الْخُيَلَاءِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَلِمَا فِي الرَّمْيِ مِنَ النَّفْعِ الْأَعَمِّ، وَلِذَا قَدَّمَهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠] مَعَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى الرُّمْحِ أَصْلًا، وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَاهُ تَأْكِيدُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ: (كُلُّ شَيْءٍ يَلْهُو بِهِ الرَّجُلُ) : أَيْ: يَشْتَغِلُ وَيَلْعَبُ، (بَاطِلٌ) : لَا ثَوَابَ لَهُ (إِلَّا رَمْيَهُ بِقَوْسِهِ) : احْتِرَازٌ عَنْ رَمْيِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>