للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٨٧٣ - وَعَنْ أَبِي نَجِيحٍ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «مَنْ بَلَغَ بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهُوَ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ، وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرِّرٍ، وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ ; كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ". رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي " شُعَبِ الْإِيمَانِ ". وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ، وَالنَّسَائِيُّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِيَ، وَالتِّرْمِذِيُّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا: " مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ " بَدَلَ: " فِي الْإِسْلَامِ ".

ــ

٣٨٧٣ - (وَعَنْ أَبِي نَجِيحٍ) : بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ (السُّلَمِيِّ) : بِضَمٍّ فَفَتْحٍ، قَالَ الْمُؤَلِّفُ: اسْمُهُ عَمْرُو بْنُ عَبَسَةَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَسْلَمَ قَدِيمًا فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، قِيلَ: كَانَ رَابِعَ أَرْبَعَةٍ فِي الْإِسْلَامِ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ بَنِي سُلَيْمٍ، وَقَدْ قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. " «إِذَا سَمِعْتَ أَنِّي خَرَجْتُ فَاتَّبِعْنِي» " فَلَمْ يَزَلْ مُقِيمًا بِقَوْمِهِ حَتَّى انْقَضَتْ خَيْبَرُ فَقَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَقَامَ بِالْمَدِينَةِ، وَعِدَادُهُ فِي الشَّامِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ (قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَنْ بَلَغَ) : بِالتَّخْفِيفِ وَفِي نُسْخَةٍ بِالتَّشْدِيدِ (بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : أَيْ: أَوْصَلَهُ إِلَى كَافِرٍ (فَهُوَ لَهُ دَرَجَةٌ فِي الْجَنَّةِ) : فَقَوْلُهُ: (وَمَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : أَيْ: وَلَمْ يُوصِلْهُ إِلَى كَافِرٍ (فَهُوَ لَهُ عِدْلُ مُحَرِّرٍ) : بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَيُفْتَحُ ; أَيْ: مِثْلُ ثَوَابِ مُعْتِقٍ يَكُونُ تَنَزُّلًا. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ مَنْ بَلَغَ مَكَانَ الْغَزْوِ مُلْتَبِسًا بِسَهْمٍ، وَإِنْ لَمْ يَرْمِ فَيَكُونَ تَرَقِّيًا، فَالْبَاءُ عَلَى الْأَوَّلِ لِلتَّعْدِيَةِ، وَعَلَى الثَّانِي لِلْمُلَابَسَةِ وَيُلَائِمُهُ نُسْخَةُ التَّشْدِيدِ، (وَمَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي الْإِسْلَامِ) : يَعْنِي أَعَمَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِي الْجِهَادِ، أَوْ غَيْرِهِ (كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ) ; فِيهِ إِشْعَارٌ بِالنَّهْيِ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَعَدَمِ كَرَاهَتِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرٌ مِنَ الشَّيْبِ ; لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ النِّسَاءَ وَهُنَّ بِالطَّبْعِ يَكْرَهْنَ الشَّيْبَ. وَقَدْ رَأَى أَبُو يَزِيدَ فِي مِرْآةِ وَجْهِهِ فَقَالَ: ظَهَرَ الشَّيْبُ وَلَمْ يَذْهَبِ الْعَيْبُ، وَمَا أَدْرَى مَا فِي الْغَيْبِ (رَوَاهُ) : أَيِ: الْحَدِيثَ بِكَمَالِهِ مِنَ الْفُصُولِ الثَّلَاثَةِ (الْبَيْهَقِيُّ فِي شُعَبِ الْإِيمَانِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ الْفَصْلَ الْأَوَّلَ) : أَيِ: الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنَ الْحَدِيثِ (وَالنَّسَائِيُّ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي، وَالتِّرْمِذِيُّ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ، وَفِي رِوَايَتِهِمَا) : لَا يَصِحُّ إِرْجَاعُ الضَّمِيرِ إِلَى النَّسَائِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ، مَعَ أَنَّهُمَا أَقْرَبُ مَذْكُورٍ ; لِأَنَّ النَّسَائِيَّ لَمْ يَرْوِ الثَّالِثَ، فَالْمَعْنَى وَفِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ (مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ. بَدَلَ فِي الْإِسْلَامِ) : وَفِيهِ إِشْكَالٌ وَهُوَ أَنَّ رِوَايَةَ الْبَيْهَقِيِّ كَمَا تَقَدَّمَتْ إِنَّمَا هِيَ فِي الْإِسْلَامِ وَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَاهُ: وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبَيْهَقِيِّ وَرِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ، أَوْ فِي رِوَايَةٍ لَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَدَلَ فِي الْإِسْلَامِ، أَوِ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ: رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِكَمَالِهِ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ لَفْظِهِ، ثُمَّ قَوْلُهُ: وَفِي رِوَايَتِهِمَا إِلَخِ تَحْقِيقٌ لِلَفْظِهِ، وَيَكُونُ كَالِاعْتِرَاضِ عَلَى صَاحِبِ الْمَصَابِيحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: الرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ: " مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ " أَنْسَبُ بِهَذَا الْمَقَامِ، وَمَعْنَاهُ مَنْ مَارَسَ الْمُجَاهَدَةَ حَتَّى يَشِيبَ طَاقَةٌ مِنْ شَعْرِهِ فَلَهُ مَا لَا يُوصَفُ مِنَ الثَّوَابِ دَلَّ عَلَيْهِ تَخْصِيصُ ذِكْرِ النُّورِ وَالتَّنْكِيرِ فِيهِ، وَمَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>