٣٩١٦ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ، وَجَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فَعَلَيْهَا فَاقْضُوا حَاجَاتِكُمْ ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
ــ
٣٩١٦ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: لَا تَتَّخِذُوا) : أَيْ: لَا تَجْعَلُوا (ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ مَنَابِرَ) : وَالْمَعْنَى: لَا تَجْلِسُوا عَلَى ظُهُورِهَا فَتُوقِفُونَهَا وَتُحَدِّثُونَ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، بَلِ انْزِلُوا وَاقْضُوا حَاجَاتِكُمْ، ثُمَّ ارْكَبُوا. قَالَ الطِّيبِيُّ، قَوْلُهُ: مَنَابِرَ كِنَايَةٌ عَنِ الْقِيَامِ عَلَيْهَا ; لِأَنَّهُمْ إِذَا خَطَبُوا عَلَى الْمَنَابِرِ قَامُوا اهـ. وَالْمُرَادُ بِالْقِيَامِ الْوُقُوفُ لَا الشُّخُوصُ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَاقِفًا عَلَيْهَا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى ظُهُورِهَا إِذَا كَانَ لِأَرَبٍ، أَوْ لِبُلُوغِ وَطَرٍ لَا يُدْرَكُ مَعَ النُّزُولِ إِلَى الْأَرْضِ مُبَاحٌ، وَإِنَّمَا النَّهْيُ انْصَرَفَ إِلَى الْوُقُوفِ عَلَيْهَا لَا بِمَعْنًى يُوجِبُهُ، فَيُتْعِبُ الدَّابَّةَ مِنْ غَيْرِ طَائِلٍ. وَكَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَقُولُ: الْوُقُوفُ عَلَى ظُهُورِ الدَّوَابِّ بِعَرَفَةَ سُنَّةٌ، وَالْقِيَامُ عَلَى الْأَقْدَامِ رُخْصَةٌ. (فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا سَخَّرَهَا لَكُمْ) : أَيِ: الدَّوَابَّ مِنَ الْجِمَالِ وَالْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ (لِتُبَلِّغَكُمْ) : بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَيُخَفَّفُ ; أَيْ: لِتُوصِلَكُمْ (إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ) : أَيْ: وَاصِلِينَ إِلَيْهِ (إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ ; أَيْ مَشَقَّتِهَا وَتَعَبِهَا (وَجَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ) : أَيْ: بِسَاطًا وَقَرَارًا (فَعَلَيْهَا) : أَيْ: عَلَى الْأَرْضِ لَا عَلَى الدَّوَابِّ (فَاقْضُوا حَاجَاتِكُمْ) : قَالَ الطِّيبِيُّ: الْفَاءُ الْأُولَى لِلسَّبَبِيَّةِ وَالثَّانِيَةُ لِلتَّعْقِيبِ ; أَيْ: إِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَى الْأَرْضِ اقْضُوا حَاجَاتِكُمْ لَا عَلَى الدَّوَابِّ، ثُمَّ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ: فَاقْضُوا حَاجَاتِكُمْ تَفْسِيرًا لِلْمُقَدَّرِ، فَفِيهِ تَوْكِيدٌ مَعَ التَّخْصِيصِ، وَجَمَعَ الْحَاجَاتِ وَأَضَافَهَا إِلَى سَائِرِ الْمُخَاطَبِينَ لِيُفِيدَ الْعُمُومَ؛ يَعْنِي خُصُّوا الْأَرْضَ بِقَضَاءِ حَاجَاتِكُمُ الْمُخْتَلِفَةِ الْأَنْوَاعِ، وَيَكْفِيكُمْ مِنَ الدَّوَابِّ أَنْ تُبَلِّغَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute