٤٠٨٢ - «وَعَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَا تَكُونُ الذَّكَاةُ إِلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ؟ فَقَالَ: " لَوْ طَعَنْتَ فِي فَخِذِهَا لَأَجْزَأَ عَنْكَ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ وَالدَّارِمِيُّ، وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَهَذِهِ ذَكَاةُ الْمُتَرَدِّي. وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا فِي الضَّرُورَةِ.
ــ
٤٠٨٢ - (وَعَنْ أَبِي الْعُشَرَاءِ) : بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْمَدِّ (عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) : قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ أُسَامَةُ بْنُ مَالِكٍ الدَّارِمِيُّ تَابِعِيٌّ، رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَعَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ يُعَدُّ فِي الْبَصْرِيِّينَ، وَفِي اسْمِهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ وَهَذَا أَشْهَرُ مَا قِيلَ فِيهِ. (أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَمَا يَكُونُ) : الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ وَ (مَا) نَافِيَةٌ وَالْمُرَادُ التَّقْرِيرُ أَيْ: أَمَا تَحْصُلُ (الذَّكَاةُ) : الذَّالُ الْمُعْجَمَةُ أَيِ: الذَّبْحُ الشَّرْعِيُّ. قَالَ الطِّيبِيُّ: وَلَيْسَتْ أَمَا لِلتَّنْبِيهِ وَإِنْ كَانَتْ حَرْفَ التَّنْبِيهِ. فَأُجِيبَ: لَا إِلَّا فِي حَالِ الضَّرُورَةِ. أَقُولُ: لَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ التَّنْبِيهُ فِي كَلَامِ السَّائِلِ مَعَ أَنَّهُ إِذَا لَمْ تَكُنْ (مَا) لِلنَّفْيِ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ، بَلْ يَفْسُدُ الْمَعْنَى إِذْ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ تَنَبَّهْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ الذَّبْحُ (إِلَّا فِي الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ) : بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، وَهِيَ الْهَزْمَةُ الَّتِي فَوْقَ الصَّدْرِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ قِيلَ: وَهِيَ آخِرُ الْحَلْقِ (فَقَالَ: لَوْ طَعَنْتَ) أَيْ: أَنْتَ (فِي فَخِذِهَا) : بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ وَيَجُوزُ الْكَسْرُ فَالسُّكُونُ أَيْ: فِي فَخِذِ الْمُذَكَّاةِ لِمَفْهُومِهِ مِنَ الذَّكَاةِ وَجَرَحْتَ (لَأَجْزَأَ عَنْكَ) أَيْ: لَكَفَى طَعْنُ فَخِذِهَا عَنْ ذَبْحِكَ إِيَّاهَا. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارِمِيُّ، (وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا) : وَفِي نُسْخَةٍ وَهَذَا أَيْ: هَذَا الْحَدِيثُ، أَوْ قَوْلُهُ: لَوْ طَعَنْتَ إِلَخْ (ذَكَاةُ الْمُتَرَدِّي) أَيِ: السَّاقِطُ فِي الْبِئْرِ (وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا فِي الضَّرُورَةِ) : وَهَذَا التَّفْسِيرُ أَعَمُّ مِنْ تَفْسِيرِ أَبِي دَاوُدَ لِشُمُولِهِ الْبَعِيرَ النَّادَّ عَلَى مَا سَبَقَ، وَفِي شَرْحِ السُّنَّةِ قَالَ أَبُو عِيسَى: لَا نَعْرِفُ لِأَبِي الْعُشَرَاءِ عَنْ أَبِيهِ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثِ اهـ.
وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا: حَرُمَ ذَبِيحَةٌ لَمْ تُذَكَّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: ٣] وَذَكَاةُ الضَّرُورَةِ جَرْحٌ أَيْنَ كَانَ مِنَ الْبَدَنِ، وَذَكَاةُ الِاخْتِيَارِ ذَبْحٌ بَيْنَ الْحَلْقِ وَاللَّبَّةِ، وَعُرُوقُ الذَّبْحِ الْحُلْقُومُ، وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ وَالْمَرِيءُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَالْوَدَجَانِ بِفَتْحَتَيْنِ وَهُمَا مَجْرَى الدَّمِ وَحِلُّ الذَّبْحِ يَقْطَعُ أَيْ: ثَلَاثٌ مِنْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute