٤١٨٥ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤١٨٥ - (وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) : أَيِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: ( «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ» ) : بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَلَّثَةِ مَمْدُودًا. وَفِي الْمِصْبَاحِ: هُوَ فِعَّالٌ وَكَسْرُ الْقَافِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمِّهَا. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْأَرْبَعَةُ،: فِي الشَّمَائِلِ لِلتِّرْمِذِيِّ وَلَفْظُهُ: " «يَأْكُلُ الْقِثَّاءَ بِالرُّطَبِ» "، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَوِ الْمُقَدَّمُ أَصْلٌ فِي الْمَأْكُولِ كَالْخُبْزِ وَالْمُؤَخَّرُ كَالْإِدَامِ، وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَالَ: " «رَأَيْتُ فِي يَمِينِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِثَّاءً، وَفِي شِمَالِهِ رُطَبًا، وَهُوَ يَأْكُلُ مِنْ ذَا مَرَّةً وَمِنْ ذَا مَرَّةً» " اهـ. وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى تَبْدِيلِ مَا فِي يَدِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْأَكْلُ بِالشِّمَالِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِيهِ جَوَازُ أَكْلِ الطَّعَامَيْنِ مَعًا وَالتَّوَسُّعُ فِي الْأَطْعِمَةِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ فِي جَوَازِهِ وَمَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِنْ خِلَافِ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ اعْتِيَادِ هَذَا التَّوَسُّعِ وَالتَّرْفِيهِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ بِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ دِينِيَّةٍ.: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ جَوَازُ مُرَاعَاةِ صِفَاتِ الْأَطْعِمَةِ وَطَبَائِعِهَا، وَاسْتِعْمَالِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْأَلْيَقِ بِهَا عَلَى قَاعِدَةِ الطِّبِّ؛ لِأَنَّ فِي الرُّطَبِ حَرَارَةً، وَفِي الْقِثَّاءِ بُرُودَةً، فَإِذَا أُكِلَا مَعًا اعْتَدَلَا، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي الْمُرَكَّبَاتِ مِنَ الْأَدْوِيَةِ. وَمِنْ فَوَائِدِ أَكْلِ هَذَا الْمُرَكَّبِ الْمُعْتَدِلِ تَعْدِيلُ الْمَزَاجِ، وَتَسْمِينُ الْبَدَنِ، كَمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ صَحَّ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: " «أَرَادَتْ أُمِّي أَنْ تُهَيِّئَنِي لِلسِّمَنِ لِتُدْخِلَنِي عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَا اسْتَقَامَ لَهَا ذَلِكَ حَتَّى أَكَلْتُ الرُّطَبَ بِالْقِثَّاءِ فَسَمِنْتُ كَأَحْسَنِ السِّمَنِ» " اهـ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ عَائِشَةَ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ» . وَفِي رِوَايَةٍ لِلتِّرْمِذِيِّ وَالْبَيْهَقِيِّ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ وَيَقُولُ: " يُكْسَرُ حَرُّ هَذَا بِبَرْدِ هَذَا وَبَرْدُ هَذَا بِحَرِّ هَذَا» ". وَفِي الْقَامُوسِ: الْبِطِّيخُ كَسِكِّينٍ. وَأَخْرَجَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي كِتَابِ الطِّبِّ لَهُ بِسَنَدٍ فِيهِ ضَعْفٌ، عَنْ أَنَسٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَأْخُذُ الرُّطَبَ بِيَمِينِهِ وَالْبِطِّيخَ بِشِمَالِهِ، فَكَانَ يَأْكُلُ الرُّطَبَ بِالْبِطِّيخِ، وَكَانَ أَحَبَّ الْفَاكِهَةِ إِلَيْهِ» . وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ فِي الشَّمَائِلِ، عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجْمَعُ بَيْنَ الْخِرْبِزِ وَالرُّطَبِ» وَهُوَ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ، وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ آخِرُهَا زَايٌ، وَهُوَ الْبِطِّيخُ بِالْفَارِسِيَّةِ عَلَى مَا فِي النِّهَايَةِ. وَقِيلَ: هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْبِطِّيخِ وَهُوَ الْأَصْفَرُ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَخْضَرُ، وَهُوَ الْأَنْسَبُ لِأَنَّ الْأَصْفَرَ فِيهِ حَرَارَةٌ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يُقَالَ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلرُّطَبِ بُرُودَةٌ ; وَإِنْ كَانَ فِيهِ لِحَلَاوَتِهِ طَرَفُ حَرَارَةٍ وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَوْعٍ مِنْهُ لَمْ يَتِمَّ نُضْجُهُ، فَإِنَّ فِيهِ بُرُودَةً يَعْدِلُهَا الرُّطَبُ. وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ: رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ كَانَ يَأْكُلُ الْبِطِّيخَ بِالرُّطَبِ، وَيَقُولُ: " يَدْفَعُ حَرُّ هَذَا بَرْدَ هَذَا وَبَرْدُ هَذَا حَرَّ هَذَا» ". وَفِي الْبِطِّيخِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْأَخْضَرُ، وَهُوَ بَارِدٌ رَطْبٌ فِيهِ حَلَاوَةٌ، وَهُوَ أَسْرَعُ انْحِدَارًا مِنَ الْقِثَّاءِ وَالْخِيَارِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute