٤١٨٦ - وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ نَجْنِي الْكَبَاثَ، فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ، لِأَنَّهُ أَطْيَبُ "، فَقِيلَ: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟ ، قَالَ: نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَاهَا؟» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
ــ
٤١٨٦ - (وَعَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَرِّ الظَّهْرَانِ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ، ثُمَّ بِفَتْحِ الظَّاءِ وَسُكُونِ الْهَاءِ اسْمُ مَوْضِعٍ قُرْبَ مَكَّةَ، (نَجْنِي الْكَبَاثَ) : بِفَتْحِ الْكَافِ وَمُوَحَّدَةٍ مُخَفَّفَةٍ، ثُمَّ أَلِفٍ، ثُمَّ مُثَلَّثَةٍ، النَّضِيجُ مِنْ تَمْرِ الْأَرَاكِ (فَقَالَ: عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ مِنْهُ) : أَيِ اقْصُدُوا مَا كَانَ أَسْوَدَ مِنْهُ (فَإِنَّهُ أَطْيَبُ) : أَيْ أَكْثَرُ لَذَّةً وَأَزْيَدُ مَنْفَعَةً (فَقِيلَ: أَكُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ؟) : أَيْ حَتَّى تَعْرِفَ الْأَطْيَبَ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ الرَّاعِيَ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ فِي الصَّحْرَاءِ تَحْتَ الْأَشْجَارِ يَكُونُ أَعْرَفَ مِنْ غَيْرِهِ. (قَالَ: نَعَمْ، وَهَلْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا رَعَاهَا؟) : قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يُرِيدُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَضَعِ النُّبُوَّةَ فِي أَبْنَاءِ الدُّنْيَا وَمُلُوكِهَا، وَلَكِنْ فِي رِعَاءِ الشَّاءِ، وَأَهْلِ التَّوَاضُعِ مِنْ أَصْحَابِ الْحِرَفِ، كَمَا رُوِيَ أَنَّ أَيُّوبَ كَانَ خَيَّاطًا، وَزَكَرِيَّا كَانَ نَجَّارًا، وَقَدْ قَصَّ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ نَبَأِ مُوسَى وَكَوْنِهِ أَجِيرًا لِشُعَيْبٍ فِي رَعْيِ الْغَنَمِ مَا قَصَّ. قُلْتُ: وَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ أَنَّهُمْ غُذُّوا بِالْحَلَالِ وَعَمِلُوا بِالصَّالِحِ مِنَ الْأَعْمَالِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا} [المؤمنون: ٥١] ثُمَّ فِي رَعْيِ الْغَنَمِ زِيَادَةً عَلَى الْكَسْبِ الطَّيِّبِ التَّفَرُّدُ وَالْعُزْلَةُ عَنِ النَّاسِ، وَالْخَلْوَةُ، وَالْجَلْوَةُ مَعَ الرَّبِّ وَالِاسْتِئْنَاسُ. وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ قَالُوا: وَالْحِكْمَةُ فِي رَعْيِ الْأَنْبِيَاءِ لِلْغَنَمِ أَنْ يَأْخُذُوا أَنْفُسَهُمْ بِالتَّوَاضُعِ. بِمُؤَانَسَةِ الضُّعَفَاءِ، وَتَصْفَى قُلُوبُهُمْ بِالْخَلْوَةِ، وَيَتَرَقَّوْا مِنْ سِيَاسَتِهَا بِالنَّصِيحَةِ إِلَى سِيَاسَةِ أُمَمِهِمْ بِالْهِدَايَةِ وَالشَّفَقَةِ. وَرَوَى الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ فِي التَّجَبُّرِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ لَهُ. أَتَدْرِي لِمَ رَزَقْتُكَ النُّبُوَّةَ؟ ، فَقَالَ: يَا رَبِّ أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ، فَقَالَ: تَذْكُرُ الْيَوْمَ الَّذِي كُنْتَ تَرْعَى الْغَنَمَ بِالْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ، فَهَرَبَتْ شَاةٌ فَغَدَوْتَ خَلْفَهَا، فَلَمَّا لَحِقْتَهَا لَمْ تَضُرَّهَا، وَقُلْتَ: أَتْعَبْتِنِي وَأَتْعَبْتِ نَفْسَكِ، فَحِينَ رَأَيْتُ مِنْكَ تِلْكَ الشَّفَقَةَ عَلَى ذَلِكَ الْحَيَوَانِ رَزَقْتُكَ النُّبُوَّةَ اهـ. وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّهُ حَمَلَهَا عَلَى كَتِفِهِ وَرَدَّهَا إِلَى مَوْضِعِهَا، «فَالرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ» ، «وَمَنْ تَوَاضَعَ لِلَّهِ رَفَعَهُ» . (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute