للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٤١٠ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى، وَإِذَا نَزَعَ فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ، لِتَكُنِ الْيُمْنَى أَوَّلَهُمَا تُنْعَلُ وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ» ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

ــ

٤٤١٠ - (وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا انْتَعَلَ أَحَدُكُمْ) : أَيْ أَرَادَ لُبْسَ النَّعْلِ (فَلْيَبْدَأْ بِالْيُمْنَى) : بِضَمِّ أَوَّلِهِ أَيْ بِالْيَمِينِ كَمَا فِي رِوَايَةِ الشَّمَائِلِ (وَإِذَا نَزَعَ) : وَفِي رِوَايَةٍ: خَلَعَ أَيْ أَرَادَ خَلْعَهَا (فَلْيَبْدَأْ بِالشِّمَالِ) : بِكَسْرِ أَوَّلِهِ أَيْ بِالْيُسْرَى كَمَا فِي رِوَايَةٍ، قَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضُ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ فِيهِ لِلِاسْتِحْبَابِ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْحِذَاءُ كَرَامَةٌ لِلرِّجْلِ حَيْثُ إِنَّهُ وِقَايَةٌ مِنَ الْأَذَى، وَإِذَا كَانَتِ الْيُمْنَى أَفْضَلَ مِنَ الْيُسْرَى اسْتُحِبَّ الْبَدْءُ بِهَا فِي لُبْسِ النَّعْلِ، وَالتَّأْخِيرُ فِي نَزْعِهِ لِيَتَوَفَّرَ بِدَوَامِ لُبْسِهَا حَظُّهَا مِنَ الْكَرَامَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: (لِتَكُنِ الْيُمْنَى) : وَفِي رِوَايَةٍ: فُلْتَكُنِ الْيُمْنَى وَفِي أُخْرَى فَلْتَكُنِ الْيَمِينَ وَيَنْصُرُهُ قَوْلُهُ: (أَوَّلَهُمَا) : وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (تُنْعَلُ) : عَلَى خِلَافٍ فِي تَأْنِيثِهِ وَتَذْكِيرِهِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ، فَيَكُونُ تَذْكِيرُهُ عَلَى تَأْوِيلِ الْعُضْوِ وَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ، وَيُحْتَمَلُ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ، وَتُنْعَلُ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرُ كَانَ، ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ، وَعَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ قَوْلُهُ: (وَآخِرَهُمَا تُنْزَعُ) : وَقَالَ الْعَسْقَلَانِيُّ: هُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى خَبَرِ كَانَ أَوْ عَلَى الْحَالِ وَالْخَبَرُ تُنْعَلُ وَتُنْزَعُ وَضُبِطَا بِمُثَنَّاتَيْنِ فَوْقَانِيَّتَيْنِ وَبِتَحْتَانِيَّتَيْنِ مُذَكَّرَيْنِ.

قَالَ مِيرَكُ: وَالْأَوَّلُ فِي رِوَايَتِنَا عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَيْنِ رَاجِعَانِ إِلَى الْيُمْنَى، وَالثَّانِي مِمَّا ضَبَطَهُ الشَّيْخُ، وَأَفَادَ بِأَنَّهُ بِاعْتِبَارِ النَّعْلِ وَالْخَلْعِ يَعْنِي بِهِمَا الْمَصْدَرَيْنِ الْمَفْهُومَيْنِ مِنَ الْفِعْلَيْنِ، وَهَذَا لَا يَخْلُو عَنْ خَفَاءٍ، قَالَ الْعِصَامُ: وَفَائِدَةُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ الْأَمْرُ بِجَعْلِ هَذِهِ الْخَصْلَةِ مَلَكَةً رَاسِخَةً ثَابِتَةً دَائِمَةً لِمَا أَنَّ النُّفُوسَ تَأْخُذُ هَذَا الْأَمْرَ هَيِّنًا، أَوْ أَنَّهَا اعْتَادَتْ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى، فَكَانَتْ مَظِنَّةَ فَوْتِ تَقْدِيمِ الْيُسْرَى اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الثَّانِيَةَ مُجَرَّدَةٌ لِتَأْكِيدِ الْأُولَى، وَأَقُولُ: بَلْ فِيهِ زِيَادَةُ إِفَادَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْفِعْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ عَلَى النَّهْجَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إِنَّمَا هُوَ رِعَايَةُ إِكْرَامِ الْيُمْنَى فَقَطْ نَعْلًا وَخَلْعًا، حَتَّى لَا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ سَاوَى بَيْنَ الْيُمْنَى وَالْيُسْرَى، بِأَنْ أَعْطَى كُلًّا مِنْهُمَا ابْتِدَاءً فِي أَحَدِ الْفِعْلَيْنِ، وَنَظِيرُهُ تَقْدِيمُ الْيُمْنَى فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ، وَتَقْدِيمُ الْيُسْرَى فِي خُرُوجِهِ، وَعَكْسُهُ فِي دُخُولِ الْخَلَاءِ وَخُرُوجِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ثَبَتَ فِي الشَّمَائِلِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - " «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُحِبُّ التَّيَمُّنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي تَرَجُّلِهِ وَتَنَعُّلِهِ وَطَهُورِهِ» " وَبِهِ يَظْهَرُ ضَعْفُ قَوْلِ ابْنِ حَجَرٍ إِنَّ فَائِدَتَهُ أَنَّ الْأَمْرَ بِتَقْدِيمِ الْيُمْنَى فِي الْأَوَّلِ لَا يَقْتَضِي تَأْخِيرُ نَزْعِهَا لِاحْتِمَالِ إِرَادَةِ نَزْعِهِمَا مَعًا، فَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لِلتَّأْكِيدِ فَقَدْ وَهِمَ، وَكَذَلِكَ مَنْ تَكَلَّفَ مَعْنًى غَيْرَ مَا قُلْتُ يُخْرِجُهُ بِهِ عَنِ التَّأْكِيدِ، فَقَدْ أَتَى بِمَا يَمُجُّهُ السَّمْعُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ اهـ.

وَأَنْتَ تَعْرِفُ أَنَّ نَزْعَهُمَا مَعًا وَلُبْسَهُمَا مَعًا مِمَّا لَا يَكَادُ يُتَصَوَّرُ فِي أَفْعَالِ الْعُقَلَاءِ، فَهُوَ أَوْلَى بِمَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ أَنَّهُ قَدْ أَتَى بِمَا يَمُجُّهُ السَّمْعُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ، هَذَا وَقَدْ قَالَ مِيرَكُ: زَعَمَ بَعْضُ النُّقَّادِ أَنَّ الْمَرْفُوعَ مِنَ الْحَدِيثِ انْتَهِي عِنْدَ قَوْلِهِ بِالشِّمَالِ، وَقَوْلُهُ فَلْتَكُنِ إِلَى قَوْلِهِ تُنْزَعُ مُدَرَّجٌ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الرُّوَاةِ شَرْحًا وَتَأْكِيدًا لِمَا سَبَقَ اهـ، وَيَنْبَغِي فِي دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَخُرُوجِهِ مِنْ مُرَاعَاةِ السُّنَّتَيْنِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا، وَأَكْثَرُ النَّاسِ عَنْ عِلْمِهِ جَاهِلُونَ، وَعَنْ عَمَلِهِ غَافِلُونَ. (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : وَرَوَاهُ أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>